[١٨١٤] مسألة ٢ : يعتبر في صحّة عمل الأجير والمتبرّع قصد القربة ، وتحقّقه في المتبرّع لا إشكال فيه ، وأمّا بالنسبة إلى الأجير الذي من نيّته أخذ العوض فربما يستشكل فيه ، بل ربما يقال من هذه الجهة : إنّه لا يعتبر فيه قصد القربة بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه.
لكنّ التحقيق : أنّ أخذ الأُجرة داعٍ (*) لداعي القربة ، كما في صلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء ، حيث إنّ الحاجة ونزول المطر داعيان إلى الصلاة مع القربة. ويمكن أن يقال : إنّما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة. ودعوى أنّ الأمر الإجاري ليس عباديا بل هو توصّلي ، مدفوعة بأنّه تابع للعمل المستأجر عليه ، فهو مشترك بين التوصّلية والتعبّدية (١).
عمّا تقتضيه القاعدة.
والدليل على ذلك في باب الدين إنّما هي السيرة العقلائية ، فقد جرت السيرة على الحكم بالوفاء وتفريغ ذمّة المدين بدفع المتبرّع المال بدلاً عنه. مضافاً إلى النصوص الخاصّة الدالّة عليه المذكورة في محلّها (١).
وأمّا في باب الأعمال من العبادات وغيرها فيدلّ على ذلك الروايات الخاصّة المتقدّم ذكرها (٢) الدالّة على صحّة النيابة عن الأموات مطلقاً ، وعن الأحياء في موارد خاصّة على التفصيل المتقدّم ، ولأجل ذلك ينبغي الحكم بتفريغ ذمّة المنوب عنه بفعل النائب ، سواء أكان قد أتى به تبرعاً لأجل حبّه للمنوب عنه أم أتى به وفاءً لعقد الإجارة أو الجعالة أم لغير ذلك من الدواعي.
(١) لا إشكال في صحّة النيابة في باب التوصّليات ، وأمّا العبادات ولا سيما في فرض الإجارة أو الجعالة فربما يستشكل ذلك من وجهين :
__________________
(*) بل التحقيق أنّ حال العبادة المستأجر عليها كحال العبادة المنذورة ، وأنّ الداعي الناشئ من قبل الإيجار وهو تفريغ الذمّة مؤكّد للعبادية ، لا أنّه ينافيها.
(١) الوسائل ٢٠ : ٤٦ / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب ١٢ ح ٦ وغيره.
(٢) في ص ١٩٨ وما بعدها.