الإتيان بالصلاة فيه فعل باختياره ما يوجب الإغماء ، سواء أكان ذلك على وجه المعصية أم لا ، فلا ينبغي الإشكال حينئذ في وجوب القضاء ، فانّ المستفاد من قوله تعالى ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ... (١) وكذلك الروايات توجّه الخطاب الفعلي وتنجّز التكليف بمجرّد دخول الوقت ، فيكون التسبيب منه إلى الإغماء تفويتاً للفريضة المنجّزة ، وبذلك يتحقّق الفوت الذي يكون موضوعاً لوجوب القضاء. ولا ينبغي الشك في انصراف نصوص السقوط عن مثل الفرض.

وأوضح منه حالاً ما إذا حصل الإغماء بعد مضي مقدار من الوقت يسعه إيقاع الصلاة فيه ، فإنّه لا إشكال حينئذ في وجوب القضاء ، كما لا إشكال في خروجه عن محلّ الكلام. فمحطّ البحث ما إذا حصل السبب الاختياري قبل دخول الوقت.

المعروف والمشهور بينهم هو سقوط القضاء ، كما في السبب القهري ، عملاً بإطلاق النصوص. ولكن قد يدّعى اختصاص الحكم بالثاني وعدم ثبوته في السبب الاختياري ، ويستدلّ له بأحد وجهين :

الأوّل : ما يظهر من بعض الكلمات وبنى عليه المحقّق الهمداني قدس‌سره أخيراً من دعوى انصراف نصوص السقوط إلى الفرد المتعارف من الإغماء وهو الحاصل بالطبع ، فلا يعمّ الحاصل بفعله الذي هو فرد نادر (٢).

وهذا كما ترى ، فانّ الموضوع في نصوص الإغماء صادق على الكلّ ، ومجرّد التعارف الخارجي وغلبة الوجود لا يصلح لتوجيه الانصراف كي يمنع عن الإطلاق. وبالجملة : فالانصراف المزبور بدويّ لا يعبأ به ، نعم لا يمكن حمل المطلق على الفرد النادر وحصره فيه ، وأمّا شموله للأفراد النادرة والمتعارفة معاً فلا قبح فيه ولا استهجان.

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.

(٢) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٦٠٠ السطر ٢٤ ٦٠١ السطر ٢.

۳۱۴۱