ظاهراً هو الاحتياط من دون فرق في ذلك بين الشبهة الحكمية كالقصر والتمام والظهر والجمعة ، والموضوعية كما في صورة تردّد الساتر بين الطاهر والنجس وقد أخلّ بما هو وظيفته في أمثال ذلك على الفرض فلم يعمل بالاحتياط ولم يأت في الوقت إلّا ببعض الأطراف ، فلم يكن قد امتثل الفريضة الواجبة عليه في مرحلة الظاهر أعني الجمع بين الصلاتين الذي هو مصداق الاحتياط الواجب عليه ظاهراً فقد فاتته الفريضة الظاهرية وجداناً ، فيشمله لا محالة عموم أدلّة القضاء المأخوذ في موضوعها عنوان فوت الفريضة وهو أعم من فوت الفريضة الواقعية والظاهرية بلا إشكال.
ومن هنا لم يستشكل أحد في وجوب القضاء فيما لو صلّى في ثوب مستصحب النجاسة ، مع أنّ فوت الفريضة الواقعية غير محرز هنا ، لاحتمال طهارة الثوب واقعاً وعدم إصابة الاستصحاب للواقع ، وليس ذلك إلا لأجل أنّ وظيفته الظاهرية بمقتضى الاستصحاب كان هو الاجتناب عن الثوب المذكور وإيقاع الصلاة في ثوب طاهر ولكنّه أخلّ بذلك ففاتته الفريضة الظاهرية ، فيندرج لذلك تحت عموم أدلّة القضاء.
ولا فرق بين الاستصحاب وبين قاعدة الاحتياط بعد البناء على وجوبه شرعاً كما هو المفروض ، لكون كلّ منهما حكماً ظاهرياً مقرّراً في ظرف الشكّ.
وأمّا بناءً على وجوب الاحتياط بحكم العقل بمناط قاعدة الاشتغال والعلم الإجمالي لا بحكم الشارع كما هو الصحيح ، وقد بيناه في محلّه (١) فاللازم حينئذ هو القضاء أيضاً ، وذلك لأنّ المفروض تنجّز الواقع في الوقت ، وبعد الإتيان بأحد طرفي العلم الإجمالي كالقصر يشكّ في سقوط التكليف المتعلّق بطبيعي الصلاة ومقتضى الاستصحاب بقاؤه ، بناءً على ما هو الصواب من جريانه في القسم الثاني من استصحاب الكلّي.
فإنّ المقام من هذا القبيل ، إذ لو كان المأمور به هو القصر فقد سقط
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٣٤٤ وما بعدها.