بالامتثال قطعاً ، وإن كان هو التمام فهو باقٍ يقيناً ، فيستصحب شخص الوجوب المضاف إلى طبيعي الصلاة ، فإنّ الحصّة من الطبيعي المتحقّقة في ضمن الفرد تكون ذات إضافتين حقيقيتين ، إحداهما إلى الفرد والأُخرى إلى الطبيعي. فالحصّة من طبيعي الإنسان الموجودة في ضمن زيد تضاف مرّة إلى الفرد فيقال : هذا زيد ، وأُخرى إلى الطبيعة فيقال : هذا إنسان ، وكلتا الإضافتين على سبيل الحقيقة ، ولا يعتبر في استصحاب الكلّي في القسم الثاني أكثر من إضافة الحصّة إلى الطبيعة كما تقرّر في محلّه (١).
وعلى هذا فالحصّة المتشخّصة من الوجوب الحادثة في الوقت وإن كانت باعتبار إضافتها إلى الفرد مشكوكة الحدوث ، لتردّد الحادث بين القصر والتمام حسب الفرض لكنّها بالقياس إلى طبيعي الصلاة متيقّنة الحدوث مشكوكة الارتفاع ، فيستصحب بقاؤها بعد تمامية أركان الاستصحاب.
وبهذا البيان يندفع ما قد تكرّر في بعض الكلمات في هذا المقام وأمثاله من المنع عن جريان الاستصحاب لكونه من استصحاب [الفرد] المردّد ولا نقول به إذ لا نعقل معنى صحيحاً لاستصحاب الفرد المردّد ، حيث إنّه لا وجود للمردّد خارجاً كي يجري استصحابه أو لا يجري ، فانّ الوجود يساوق التشخّص. فكلّ ما وجد في الخارج فهو فرد معيّن مشخّص لا تردّد فيه ، غاية الأمر أنّ ذلك الفرد المعيّن قد يكون ممّا نعلمه وقد لا نعلمه ، فالتردّد إنّما يكون في أُفق النفس ، لا في وجود الفرد خارجاً الذي هو الموضوع للأحكام.
وجه الاندفاع : أنّ المستصحب كما عرفت إنّما هو شخص الوجوب الحادث الذي هو فرد مشخّص معيّن ، لكن لا باعتبار إضافته إلى الفرد لعدم العلم به بعد تردّده بين القصر والتمام ، بل باعتبار إضافته إلى الطبيعة ، وهو بهذا الاعتبار متيقّن الحدوث مشكوك البقاء.
وكيف كان فهذا الاستصحاب وهو من القسم الثاني من استصحاب الكلّي
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ١٠٥ وما بعدها.