الاشتغال فربما يستشكل في وجوب القضاء حينئذ بأنّه بأمر جديد كما مرّ (١) وموضوعه هو الفوت ، وهو غير محرز ، لاحتمال أن يكون ما أتى به في الوقت مطابقاً للواقع ، فلم يكن قد فاته شيء. وواضح أنّ استصحاب عدم الإتيان بالمأمور به في الوقت لا يجدي لإثبات الفوت كي يترتّب عليه وجوب القضاء وعليه فأصالة البراءة عنه محكّمة.
وقد أجاب المحقّق الهمداني قدسسره (٢) عن الإشكال أوّلاً : باتحاد الفوت مع الترك ، وعدم الفرق بينهما إلّا في مجرّد التعبير ، فاستصحاب عدم الإتيان يكفي لإثبات وجوب القضاء.
وفي هذا الكلام ما لا يخفى ، فانّ الفوت عنوان وجودي يساوق التعبير بالذهاب من الكيس ، وليس هو بحسب المفهوم متّحداً مع الترك الذي هو أمر عدمي ، وإن كان ممّا يتحصّل منه ويتسبّب بالترك إليه.
ولذلك لا يصدق الفوت بقول مطلق بالترك في مقدار من الوقت ، وإنّما يصدق ذلك باعتبار فوت وقت الفضيلة ، وأمّا الصدق بقول مطلق فهو يتوقّف على ذهاب الوقت كلّه ، وهذا بخلاف عنوان الترك وعدم الإتيان فإنّه يصدق حتى في أثناء الوقت فيقال : تركت الصلاة ، أو لم آت بها ، ولا يقال : فاتتني الصلاة. فاستصحاب العدم لا يجدي لإثبات عنوان الفوت.
وأجاب عنه قدسسره ثانياً : بأنّ الأمر بالقضاء عند الفوت كاشف عن تعدّد المطلوب وكون الواجب في الوقت أمرين ، أحدهما : طبيعي الصلاة والآخر : إيقاعها في الوقت ، وإلّا فمع وحدة المطلوب لا وجه للأمر بالقضاء.
وبعد سقوط الأمر بالمطلوب الآخر بخروج الوقت نشك في ارتفاع الأمر المتعلّق بالطبيعي ، للشك في مطابقة المأتي به للمأمور به فيستصحب بقاؤه فيجب الاحتياط في القضاء لعين الملاك الموجب له في الأداء ، وهو تعلّق الأمر
__________________
(١) في ص ٦٧.
(٢) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٦٠٢ السطر ٣٣.