المستفاد من صحيحة «لا تعاد الصلاة ...» (١) الحاكمة على أدلّة الأجزاء والشرائط.
وإن كان جهلاً فكذلك ، بناء على ما هو الصحيح من شمول الحديث للجاهل وعدم اختصاصه بالناسي ، وإن أصرّ عليه شيخنا الأُستاذ قدسسره (٢). هذا إذا كان الجاهل قاصراً بأن كان معذوراً في جهله كما لو أدّى اجتهاده أو اجتهاد مقلّده إلى عدم وجوب السورة في الصلاة ثمّ تبدّل رأيه بعد ذلك.
وأمّا المقصّر فالظاهر وجوب القضاء عليه كوجوب الإعادة ، لا لقصور في حديث «لا تعاد الصلاة ...» ، بل لمحذور آخر في شمول الحديث له ، وهو لزوم حمل الروايات الكثيرة الدالّة على الحكم بالإعادة في مورد ترك جزء أو شرط أو الإتيان بمانع على الفرد النادر وهو العالم العامد ، إذ لا شك في أنّ السؤال في هذه الروايات غالباً عن الجاهل المقصّر. فإخراجه عنها وإدراجه في حديث «لا تعاد ...» المستلزم لتخصيص الروايات المذكورة بالعامد يستوجب حمل المطلقات على الفرد النادر ، وهو قبيح. فلأجل الفرار عن المحذور المذكور يحكم باختصاص الحديث بالجاهل القاصر ولا يعمّ المقصّر.
وأمّا الجاهل المتردّد في الحكم فهو غير مشمول للحديث ، لاختصاصه بمن يرى صحة العمل وفراغ الذمة والإتيان بما هو وظيفته تماماً ثم يبدو له بعد ذلك بطلان العمل وعدم وقوعه على وجهه بحيث يحتاج إلى الإعادة ، كما يفصح عن ذلك التعبير في الحديث بالإعادة ، والمتردّد شاكّ في صحّة العمل من أوّل الأمر فنفس الأمر الأوّل باقٍ على حاله ، لعدم الامتثال المسقط له ، بلا حاجة إلى الأمر بالإعادة ، لعدم الموضوع للإعادة حينئذ.
هذا كلّه فيما إذا ثبتت الجزئية أو الشرطية بدليل لفظي أو بأصل محرز كالاستصحاب ، وأمّا إذا كان ثبوتها بدليل عقلي كالعلم الإجمالي أو قاعدة
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.
(٢) كتاب الصلاة ٣ : ٥.