فقال : ابدأ بالفريضة ، فقيل له : في وقت صلاة الليل؟ فقال : صلّ صلاة الكسوف قبل صلاة الليل» (١) ، فانّ موضوع هذه الصحيحة باعتبار التعبير بالبدأة هو سعة الوقت لكلّ من الصلاتين ، إذ الابتداء يستدعي الانتهاء وأن يكون الوقت صالحاً لوقوع الصلاتين فيه معاً مقدّماً لأيّ منهما شاء تعييناً أو تخييراً. وأمّا إذا لم يكن الوقت صالحاً وواسعاً إلّا لإحداهما لكان المناسب التعبير بمثل قولنا : ائت بالفريضة ، وقد أمر عليه‌السلام في هذا الفرض بتقديم الفريضة ، وظاهر الأمر الوجوب ، فلا بدّ من تقديمها على الكسوف.

والإنصاف : أنّ دلالة هذه الصحيحة في نفسها لا قصور فيها ، بحيث لو كنّا نحن وهذه الرواية لحكمنا بذلك ، إلّا أنّ الدليل الخارجي وهو صحيحته الثالثة الآتية دلّ على جواز الإتيان بصلاة الآية قبل الفريضة ، فيكون الأمر في هذه الصحيحة محمولاً على الاستحباب ويرفع اليد عن ظاهره ، فله تقديم صلاة الآية وإن كان الأولى تقديم الفريضة.

وأمّا القائلون بتقديم صلاة الآية حتّى في السعة فمستندهم هو ما رواه بريد ابن معاوية ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام «قالا : إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلّها ما لم تتخوّف أن يذهب وقت الفريضة ، فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة ، واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فاذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت ، واحتسب بما مضى» (٢) ، فإنّه عليه‌السلام في غير فرض تخوّف ذهاب وقت الفريضة أمر بإتيان صلاة الكسوف ، وإطلاقه شامل لفرض سعة الوقت لكلتا الصلاتين وظاهر الأمر الوجوب ، فلا بدّ من تقديم صلاة الآية على الفريضة.

وفيه : بعد الغضّ عن ضعف سند الرواية وإن عبّر عنها في الحدائق بالصحيحة (٣) وتبعه غير واحد ممّن تأخّر عنه ، لكنّه وهم ، فانّ بريداً ومحمّد بن

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٤٩٠ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٥ ح ١.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٩١ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٥ ح ٤.

(٣) الحدائق ١٠ : ٣٤٦.

۳۱۴۱