وأمّا إذا كان مستنده في ذلك هو الأصل العملي بأن كان نفي الثلاث عنده بأصالة البراءة عنه ، بناءً منه على جريانها في الأقل والأكثر الارتباطيين ، لا لدليل اجتهادي على النفي ، ولكن الميت كان يذهب إلى الثلاث للدليل الاجتهادي أو للأصل العملي وهو أصالة الاشتغال ، لبنائه على كون المرجع في الأقل والأكثر الارتباطيين هو ذلك ، فمن الواضح حينئذ أنّ الأصل المعتبر عند الأجير ممّا لا يترتب عليه فراغ ذمّة الميّت.

فإنّ غاية ما يترتّب على أصالة البراءة إنّما هو نفي التنجيز عمّن جرت في حقّه وهو الأجير ، لا مطلقاً ، وحيث إنّ الميّت لم يكن يرى ذلك كان التكليف الواقعي متنجّزاً في حقّه ، وعليه فلا قطع بالفراغ إلّا بمراعاة ما هو الصحيح عند الميّت ، فلا تكفي الصحّة بنظر الأجير ، هذا كله في وظيفة الأجير.

وأمّا وظيفة الوليّ : فإن كان يرى صحّة العمل الصادر من الأجير اكتفى به وإن لم يكن صحيحاً عند الميت ، بل ولا عند الأجير أيضاً كما إذا كان الأجير قد أتى به رجاء مع عدم اعتقاده بصحّته ، وإلّا لزمه الإتيان بما يعتقد صحّته أو الاستئجار لذلك.

والوجه فيه : ما عرفت من توجيه الخطاب بالتفريغ إلى الوليّ نفسه ، فإنّه المأمور بالقضاء عن والده ، فتكون العبرة بما يراه مصداقاً للصحيح ومحقّقاً لعنوان التفريغ ، ولا أثر حينئذ لنظر الميّت ولا الأجير.

نعم ، لا يجب عليه قضاء الصلوات التي أتى الميّت بها حال حياته إذا كانت فاقدة لشرط الصحّة بنظر الوليّ بأن كانت فاقدة للسورة ، أو مع الاقتصار على التسبيحات الأربع مرّة واحدة ، وذلك لحديث «لا تعاد الصلاة ...» (١) ، وإنّما يختصّ ذلك بما فات الميّت من الصلوات ، حيث يجب عليه قضاؤها على الوجه الصحيح عنده.

وعلى الجملة : يختلف الحال في هذه الموارد حسبما عرفت ، فلا مجال لإطلاق

__________________

(١) الوسائل ١ : ٣٧١ / أبواب الوضوء ب ٣ ح ٨.

۳۱۴۱