المقام إلّا بقصد التقرّب بالفعل ، لفرض كون متعلّقه عباديّاً. فلا تنافي بين الأمرين بوجه.
جواز النيابة :
ينبغي البحث في المسألة كما أشرنا إليه آنفاً عن جواز النيابة ومشروعيّتها في حدّ نفسها بحيث يترتّب عليها تفريغ ذمّة المنوب عنه بفعل النائب ، لتبتني على ذلك صحّة الإجارة ، فنقول :
لا شك في أنّ مقتضى القاعدة عدم جواز ذلك ، فإنّ إطلاق الخطاب يقتضي المباشرة في مقام الامتثال وعدم سقوطه بفعل الغير ، لأنّه إنّما يدعو من خوطب به إلى العمل دون غيره الأجنبي عن الخطاب ، فلا يكون عمل زيد مثلاً موجباً لتفريغ ذمّة عمرو عن التكليف المتعلّق به ، كيف وهو أشبه شيء بشرب زيد للدواء ليشفي عمرو من مرضه.
إلّا أنّه قد وردت في المقام روايات خاصة دلّت على الجواز ، وإن كان على خلاف القاعدة. ولا مانع من الالتزام بمثله في الأُمور الاعتبارية ممّا يكون أمرها سعة وضيقاً بيد معتبرها ، فله الاجتزاء بفعل أحد مع تعلّق التكليف بغيره ، وحكمه بتفريغ ذمّة الغير عنه.
وعليه ففي كلّ مورد قام الدليل عليه يؤخذ به ، وإلّا فالمتّبع هو أصالة الإطلاق المقتضي لعدم السقوط بفعل الغير كما عرفت.
وقد قام الدليل على ذلك في النيابة عن الأموات في باب الصلاة والصوم والحج وغيرها من سائر العبادات ، وهي عدّة نصوص كما يلي :
١ ـ صحيحة معاوية بن عمّار قال «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أيّ شيء يلحق الرجل بعد موته؟ قال : يلحقه الحج عنه ، والصدقة عنه ، والصوم عنه» (١).
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٤٤٥ / أبواب الاحتضار ب ٢٨ ح ٨.