اقتضاه عقد الإجارة (١).
وتندفع بأنّ الأمر الإجاري وإن كان توصّلياً في حدّ ذاته إلّا أنّ مورد العقد حيث لم يكن هو ذات العمل ، بل المركّب منه ومن قصد القربة ، فلا يكاد يحصل الوفاء بالعقد إلّا إذا أتى بالعمل بداع قربي ، لأنّ متعلّق الأمر التوصّلي في خصوص المقام إنّما هو العمل المعنون بكونه عبادة حسب الفرض. فالأمر الإجاري يكون مؤكّداً للعباديّة لا منافياً لها كما لا يخفى.
وعلى الجملة : العمل النيابي بعد فرض صحّة النيابة مورد للأمر الاستحبابي النفسي ، وبعد وقوعه حيّز العقد يتأكّد الأمر المذكور ويتبدّل بالوجوب ، كما هو الحال عند وقوعه مورداً للنذر أو اليمين أو الشرط ضمن العقد. فكما أنّ الأمر الناشئ من قبل هذه العناوين بمناط وجوب الوفاء بالعقد أو النذر أو نحوهما لا ينافي عبادية العمل النيابي بل يؤكّدها فكذلك الأمر الجائي من قبل عقد الإجارة.
وأمّا الداعي على العمل فليس هو أخذ الأُجرة ، كيف وقد استحقّها النائب بمجرّد العقد ، فيمكنه مطالبة المؤجر بذلك ولو لم يتحقّق منه العمل خارجاً بأن يخبره كذباً بوقوع الفعل وتحقّقه منه ، حيث لا يتيسر للمؤجر استعلام حاله صدقاً وكذباً حتّى ولو رآه يقوم بالعمل خارجاً ، فإنّه بعد فرض تقوّم العبادة بالقصد الذي هو أمر نفسي لا سبيل للعلم به لغير علّام الغيوب من الممكن أن لا يكون قاصداً للقربة أو يكون قاصداً وقوع العمل عن نفسه أو عن والده دون الميت.
فليس الداعي على العمل إذن هو الاستيلاء على الأُجرة ، لإمكانه بدون ذلك كما عرفت ، بل الداعي إنّما هو قصد الأمر النفسي المتعلّق بالعبادة بعنوان النيابة متقرّباً منه تعالى.
ولا أقلّ من أن يكون قاصداً للأمر الإجاري الذي لا يسقط في خصوص
__________________
(١) المكاسب ٢ : ١٢٨.