على أنّ تعيّن طرح هذه الفقرة من الرواية لمخالفتها لمذهب المشهور لا يمنعنا عن الاستدلال بالفقرة الأُخرى على المطلوب ، حيث قد تقرّر في محلّه عدم التلازم بين فقرأت الرواية الواحدة في الحجّية (١).
وصحيحة عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : إن نام رجل أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة ، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خاف أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة ، وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس» (٢) ، ومثلها صحيحة عبد الله بن سنان التي أشار إليها صاحب الوسائل في ذيل هذه الصحيحة.
هذه الصحاح الثلاث قد دلّت كما ترى على لزوم تقديم الحاضرة على الفائتة ، فتقع المعارضة بينها وبين النصوص المتقدّمة لا محالة.
وأحسن وجوه الجمع بين الطائفتين هو حمل الطائفة الأُولى على صورة عدم خوف فوت وقت الفضيلة للصلاة الحاضرة ، حيث تقدّم الفائتة حينئذ عليها والطائفة الثانية على خوف الفوت فتقدّم الحاضرة إذن عليها ، ترجيحاً لفضيلة الوقت على فضيلة المبادرة إلى الفائتة.
ويشهد للجمع المذكور ما ورد في صحيحتي صفوان وزرارة الطويلة المتقدّمتين (٣) وغيرهما من التصريح بالتفصيل المذكور بالنسبة إلى صلاة المغرب وأنّه تقدّم الظهر أو العصر الفائتة عليها ما لم يخف فوتها المراد به خوف فوت وقت فضيلة المغرب كما تقدّم ، وإلّا قدّم المغرب على الفائتة.
فبهذه القرينة يحكم باختلاف موردي الطائفتين ، وبه ترتفع المعارضة من البين.
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٤٢٨.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٨٨ / أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٤.
(٣) تقدّم ذكر صحيحة صفوان في ص ١٧٨ وصحيحة زرارة في ص ١٨١.