الحكم بمحبوبية البدار إلى الفائتة ، وليس ذلك بحكم تعبّدي مستقل متعلّق بالحاضرة من حيث هي.
وعلى الجملة : أنّ الجواب عن الصحيحة بكلمة واحدة ، وهي أنّها مسوقة لبيان حكم الفائتة في نفسها ، وتدلّ على محبوبية المبادرة إليها متى ما ذكرها وجوباً أو استحباباً ، وغير ناظرة إلى بيان حكم الحاضرة ليثبت بها الاشتراط. وعليه فيسقط الاستدلال بها بفقراتها الثلاث.
والمتحصّل من جميع ما مرّ : أنّ النصوص التي استدل بها للمضايقة واشتراط الترتيب بين الحاضرة والفائتة كلّها ساقطة وغير صالحة للاستدلال فانّ مجموعها ست روايات كما عرفت ، والثلاث الأخيرة قاصرة الدلالة وإن صحّت أسنادها ، وأمّا الثلاث الأُول فهي ضعيفة السند والدلالة ، هذا.
وعلى تقدير التنزّل وتسليم دلالتها على اعتبار تقديم الفائتة على الحاضرة فهي معارضة بطائفة أُخرى من النصوص وجملة منها صحاح السند دلّت على العكس وأنّه يجوز تقديم الحاضرة على الفائتة ، وهي :
صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام «قال : إن نام رجل ولم يصلّ صلاة المغرب والعشاء أو نسي فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصلّيهما كلتيهما فليصلّهما ، وإن خشي أن تفوته إحداهما فليبدأ بالعشاء الآخرة وإن استيقظ بعد الفجر فليبدأ فليصلّ الفجر ثمّ المغرب ثمّ العشاء الآخرة ...» (١).
حيث دلّت صريحاً على لزوم تقديم الحاضرة على صلاتي العشاءين الفائتتين. ولا يقدح فيها اشتمال صدرها على ما لا يقول المشهور به وهو امتداد وقت العشاءين إلى الفجر ، إذ لا نرى مانعاً من الالتزام بذلك بعد مساعدة الدليل عليه ، كما التزمنا به في محلّه ، وإن كان آثماً في التأخير إلى ذلك الوقت بدون عذر ، وقد مرّ تفصيله في بحث الأوقات (٢)
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٨٨ / أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٣.
(٢) شرح العروة ١١ : ١٢٨.