الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا ، وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ، ما يصنع بالصلاة التي كان صلّاها ركعتين؟ قال : تمّت صلاته ولا يعيد» (١).
فالمتحصّل إلى هنا : أنّ ما استدلّ به للمضايقة من الروايات ساقط كلّه ، ولا يمكن التعويل على شيء من ذلك ، فإنّ العمدة فيها كانت صحيحتي زرارة وأبي ولّاد ، وقد عرفت حالهما. إذن فتكفينا في المقام أصالة البراءة.
أدلّة القول بالمواسعة :
وإذ قد عرفت ضعف أدلّة القول بالمضايقة يقع الكلام في أدلّة القول بالمواسعة ، ويستدل لذلك بأُمور :
أحدها : أصالة البراءة ، فإنّ التضيّق وإيجاب المبادرة إلى الواجب زائداً على أصل الوجوب كلفة زائدة ، وهي مجهولة فتدفع بأصالة البراءة.
ولكن التمسّك بالأصل يتفرّع على عدم تمامية شيء من أدلّة القولين ، وإلّا فمع قيام الدليل الاجتهادي لا تصل النوبة إلى الأصل العملي كما هو ظاهر.
ثانيها : دليل نفي الحرج ، إذ الالتزام بالمضايقة ووجوب المبادرة سيما على النحو الذي يدّعيه بعض القائلين بها من الاقتصار على الضروريات يتضمّن الحرج الشديد والمشقّة العظيمة ممّا تنفيه أدلّة نفي الحرج.
وفيه أوّلاً : أنّ المنفي إنّما هو الحرج الشخصي دون النوعي ، إذ الحرج موضوع للسقوط ، لا أنّه حكمة في الحكم به كي لا يلزم فيه الاطّراد ويكتفى بما في نوعه الحرج ، وعليه فالحكم تابع لتحقّق الحرج الشخصي خارجاً ، وهذا ممّا يختلف باختلاف الأشخاص والحالات وكمّية القضاء ، فلا يطّرد في جميع الموارد على سبيل الكبرى الكلّية ، فقد لا يستلزم المبادرة أيّ حرج لقلّة مقدار
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٥٢١ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١.