هذا منه أمر بالارتحال من المكان المذكور ، ثمّ بعد ذلك أذن بلال فصلّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ركعتي الفجر ، ثمّ قام فصلّى بهم الصبح.
ومعلوم أنّ هذه الأُمور السابقة على صلاة الصبح تستغرق برهة من الوقت فلم يقع إذن قضاء الصبح أوّل آن التذكّر ، بل تأخّر عنه بمقدار ينافي الضيق الحقيقي.
وعلى الثاني : وهو أنّ يراد به الضيق العرفي غير المنافي للتأخير بمقدار يسير فلا دليل على اعتبار مثله ، فانّ ظواهر النصوص المستدلّ بها للتضيق إنّما هو الضيق الحقيقي دون العرفي كما عرفت.
نعم ، إنّ صحيحة أبي ولّاد الواردة في حكم المسافر القاصد للمسافة وقد عدل عن قصده ذلك قبل الوصول إلى غايته وصلّى قصراً ظاهرة في الضيق العرفي ، لقوله عليهالسلام فيها : «وإن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريداً فانّ عليك أن تقضي كلّ صلاة صلّيتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام من قبل أن تؤم من مكانك ذلك ...» (١).
حيث إنّه عليهالسلام حكم بقضاء ما صلّاهُ قصراً إذا لم يبلغ المسافة ، كما تقتضيه القاعدة أيضاً ، فإنّ سفره حينئذ كان خيالياً لا واقعياً ، وحكم أيضاً بلزوم إيقاع القضاء في المكان نفسه قبل أن يخرج منه. فتكون الرواية دالّة على التضيق العرفي في القضاء ، نظراً إلى تحديده بما قبل خروجه عن المكان ، دون التضيق الحقيقي في أوّل آن التذكّر ، هذا.
ولكنّ الصحيحة وإن كانت قوية الدلالة على المضايقة ، إلّا أنّها محمولة على الاستحباب في أصل القضاء فضلاً عن اعتبار التضيق فيه. والأصحاب لم يعملوا بها في موردها ، لأجل معارضتها لصحيحة زرارة قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده ، فدخل عليه
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٥ ح ١.