فقد مرّ الكلام عليه في بحث المواقيت (١) ولا نعيد ، هذا كلّه.

مع أنّ الضيق الذي يدّعيه القائلون بالمضايقة إمّا أن يراد به الضيق الحقيقي بمعنى وجوب المبادرة في آن الالتفات وأوّل زمان التذكّر كما قد يظهر من بعض القائلين به ، حيث إنّهم بالغوا في ذلك فالتزموا بالاقتصار على الضروري من المأكل والمشرب والكسب ونحو ذلك ، ويساعده ظواهر النصوص المتضمّنة لقوله عليه‌السلام : «متى ذكرها» أو «إذا ذكرها» ، أو يراد به الضيق العرفي الذي لا ينافيه التأخير اليسير كساعة ونحوها.

فعلى الأوّل : فالنصوص الواردة في نوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صلاة الفجر وقد تقدّم ذكر بعضها (٢) تكون حجّة عليهم بناء على الأخذ بها والالتزام بمضمونها.

فانّا تارة نبني على عدم العمل بالنصوص المذكورة وإن صحّت أسانيدها لمنافاتها لمقام النبوّة ، سيما مع ملاحظة ما ورد في الأخبار في شأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنّه كانت تنام عينه ولا ينام قلبه (٣) ، فكيف يمكن أن ينام عن فريضة الفجر! فلا محالة ينبغي حملها على التقية أو على محمل آخر.

وأُخرى نبني على العمل بها بدعوى أنّ النوم من غلبة الله ، وليس هو كالسهو والنسيان المنافيين لمقام العصمة والنبوّة ، ولا سيما بعد ملاحظة التعليل الوارد في بعض هذه النصوص من أنّ ذلك إنّما كان بفعل الله سبحانه رحمة على العباد ، كي لا يشقّ على المؤمن لو نام اتفاقاً عن صلاة الفجر (٤).

وعليه فتكون هذه النصوص منافية للتضييق الحقيقي ، لدلالتها على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد انتباهه من النوم واعتراضه على بلال واعتذار

__________________

(١) شرح العروة ١١ : ٣٣٧.

(٢) في ص ١٦٣.

(٣) البحار ٧٣ : ٢٠٢ / ٢٠.

(٤) الوسائل ٨ : ٢٥٤ / أبواب قضاء الصلوات ب ١ ح ٦.

۳۱۴۱