أنّ الشارع اعتبر السبق واللحوق بينهما ، فحالهما حال ما إذا اتفق الكسوف قبل الزوال ، فكما أنّه لا ترتيب حينئذ بين صلاتي الكسوف والظهر شرعاً وإنّما يكون الترتيب اتفاقياً خارجاً ، كذلك الحال في المقام. وحيث لا دليل على اعتبار الترتيب شرعاً في خصوص القضاء ، فيكون مقتضى الإطلاقات المؤيّدة بأصالة البراءة عدم الوجوب.

لكنّ القائلين بوجوب الترتيب استدلّوا له بعدّة روايات :

منها : ما رواه المحقّق قدس‌سره في المعتبر عن جميل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال «قلت : تفوت الرجل الاولى والعصر والمغرب ، ويذكر بعد العشاء ، قال : يبدأ بصلاة الوقت الذي هو فيه ، فإنّه لا يأمن الموت فيكون قد ترك الفريضة في وقت قد دخل ، ثمّ يقضي ما فاته الأوّل فالأوّل» (١) كذا في رواية الوسائل. وفي المعتبر : «عند العشاء» بدل : «بعد العشاء».

وكيف كان ، فقد دلّت الرواية على لزوم الإتيان بعد الفراغ عن أداء فريضة الوقت بالقضاء مراعياً فيه الأوّل فالأوّل بتقديم السابق في الفوات على اللاحق.

ولكن الاستدلال بذلك غير تامّ على التقديرين ، أمّا على رواية الوسائل من كون التذكّر بعد الفراغ من العشاء فالمراد بفريضة الوقت إنّما هي صلاة المغرب لا محالة ، فينحصر على هذا مصداق الفائت بالظهرين ، ولا شك في اعتبار الترتيب في قضائهما لكونهما مترتّبتين أداء ، وهذا الفرض خارج عن محلّ الكلام كما عرفت.

على أنّا نقطع بغلط النسخة على هذا التقدير ، فإنّه بعد استلزامها انحصار الفائت بالظهرين كما عرفت يلغو قوله : «الأوّل فالأوّل» ، فإنّ الأوّلية تستدعي وجود ما يكون ثانياً وإلّا لما صحّ اتصاف الشي‌ء بالأوّلية ، فقوله

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٢٨٩ / أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٦ ، المعتبر ٢ : ٤٠٧.

۳۱۴۱