رحمه‌الله وجماعة أُخرى بقرينة التعبير بـ (لا أحبّ) في بعض تلك الأخبار وقوله عليه‌السلام في مرسلة الصدوق قدس‌سره : «إذا أراد المتمتِّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه إلّا أن يعلم أنه لا يفوته الحج» ونحوه الرضوي ، بل وقوله عليه‌السلام في مرسل أبان : «ولا يتجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة» ، إذ هو وإن كان بعد قوله : «فيخرج محرماً» إلّا أنه يمكن أن يستفاد منه أن المدار فوت الحج وعدمه ، بل يمكن أن يقال : إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أن ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحج وفوته لكون الخروج في معرض ذلك ، وعلى هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحج منه ، نعم لا يجوز الخروج لا بنية العود أو مع العلم بفوات الحج منه إذا خرج.


محتبس ليس له أن يخرج من مكّة حتى يحج» (١).

ولكن المصنف تبعاً لجماعة اختار الجواز وحمل الروايات الناهية على الكراهة ، بل ذكر قدس‌سره أنه يمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحج منه واستشهد بوجوه :

منها : التعبير بقوله «ما أُحب» في صحيح الحلبي ، قال عليه‌السلام : «وما أُحبّ أن يخرج منها إلّا محرماً» ، فإن قوله «وما أُحب» ظاهر في الكراهة فنرفع اليد عن ظهور بقيّة الأخبار في المنع.

وفيه : ما لا يخفى ، فإن جملة «لا أُحب» غير ظاهرة في الكراهة بالمعنى الأخص بل استعملت في القرآن المجيد في الموارد المبغوضة المحرمة كثيراً ، كقوله تعالى ﴿وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (٢) وقوله عزّ وجلّ ﴿لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ (٣) وهو الغيبة المحرمة

__________________

(١) الوسائل ١١ : ٣٠٢ / أبواب أقسام الحج ب ٢٢ ح ٥ ، ٧.

(٢) البقرة ٢ : ٢٠٥.

(٣) النساء ٤ : ١٤٨.

۴۶۹