بل ادّعى جماعة الإجماع على عدم وجوب الأزيد من الأربع ، واختلفوا في صورتها على أقوال :

أحدها : أن يقول : لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك.

الثاني : أن يقول بعد العبارة المذكورة : إنّ الحمد والنعمة لك ، الملك ، لا شريك لك.


والجواب : أن الصحيحة في مقام بيان حكاية تلبية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا دليل على أن جميع ما أتى به واجب ، بل ذكر الدّعاء في ذيل التلبيات قرينة على عدم وجوب جميع هذه الجملات ، لأنّ الدعاء غير واجب قطعاً.

ومنها : صحيحة عاصم بن حميد الحاكية لتلبية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبى بالأربع ، فقال : «لبّيك اللهمّ لبّيك ، اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنِّعمة والملك لك ، لا شريك لك لبيك» (١).

وفيه : أن هذه الصحيحة غير منطبقة على هذا القول لاشتمالها على ست أو خمس تلبيات ، مضافاً إلى أن كلمة «الملك» متقدّمة على «لك» في الصحيحة ، وهذا القائل التزم بالعكس ، بل لم يقل أحد بوجوب تقديم «والملك» على «لك». على أنها تحكي فعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد عرفت أن مجرّد حكاية فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يدل على الوجوب. وأمّا القول الثالث والرابع فلا دليل عليهما أصلا.

والذي ينبغي أن يقال : إنّ التلبية تتحقّق بجميع ذلك ، لأنّ المستفاد من صحيح معاوية بن عمّار لزوم الإتيان بالتلبيات الأربع على النحو المذكور في الصحيحة من دون نقيصة في العبارة ، ولكن لا دليل على عدم جواز الفصل بينها بدعاء أو ذكر بل ولو بكلام آدمي ، فيقول مثلاً : لبّيك اللهمّ لبّيك ، لبّيك اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد لا شريك لك ، اللهم اغفر لي لبّيك ، لكن مع التحفظ على صدق هذه العبارة ومراعاتها

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٧٦ / أبواب الإحرام ب ٣٦ ح ٦.

۴۶۹