الثالث : الإيمان ، لعدم صحّة عمل غير المؤمن وإن كان معتقداً بوجوبه وحصل منه نيّة القربة ، ودعوى أن ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما ترى (١).


(١) إذا كان عمل غير المؤمن فاقداً لجزء أو شرط من الأجزاء والشرائط المعتبرة عندنا فلا كلام في عدم الإجزاء ، لأنّ العمل الباطل في حكم العدم ، وإنما يقال بإجزاء عمل النائب عن المنوب عنه فيما إذا كان العمل في نفسه صحيحاً ، وإلّا فلا ريب في عدم الاجتزاء به وإن كان النائب مؤمناً ، ولعلّ الوجه في عدم تعرض الأكثر لذكر الشرط المذكور هو بطلان عمل المخالف في نفسه ، ومورد النيابة هو العمل الصحيح فلا يستفاد من عدم تعرّضهم لهذا الشرط عدم اعتبار الإيمان في النائب كما توهّم.

وأمّا إذا فرضنا أنّه أتى بعمل صحيح في نفسه واجد لجميع الشرائط والأجزاء المعتبرة عندنا وتمشى منه قصد القربة ، كما إذا رأى المخالف صحّة العمل بمذهب الحق وإن كان ذلك بعيداً جدّاً خصوصاً في أعمال الحج المشتمل على أحكام كثيرة ، إذ لا أقل من بطلان وضوئه فلا تصحّ نيابته أيضاً للأخبار الكثيرة الدالّة على اعتبار الإيمان والولاية في قبول الأعمال وصحّتها وبطلان العبادة بدون الولاية (١).

ودعوى أن الأخبار ناظرة إلى أعمال نفسه ومنصرفة عن العمل عن الغير على وجه النيابة ، ممنوعة بما ذكرنا غير مرّة أن النائب يتقرّب بالأمر المتوجه إلى نفسه فهو مأمور بالعمل لأجل تفريغ ذمّة الغير.

وبعبارة اخرى : العمل الصادر من النائب يوجب فراغ ذمّة المنوب عنه ، فإذا فرضنا أن عمله غير مقبول فكيف يوجب سقوط الأمر عن الغير ، فإن السقوط عن ذمّته في طول الأمر المتعلِّق بالنائب ، فلا بدّ أن يكون الأمر المتعلِّق أمراً قربياً ومقبولاً في نفسه وإلّا فلا يوجب فراغ ذمّة المنوب عنه لعدم تحقق موضوعه.

والحاصل : أن مقتضى القاعدة الأولية عدم سقوط الواجب عن ذمّة المكلف إلّا

__________________

(١) الوسائل ١ : ١١٨ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٩ ، جامع أحاديث الشيعة ١ : ٤٢٦ أبواب مقدّمة العبادات ب ١٩ ، المستدرك ١ : ١٤٩ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٧.

۴۶۹