الثالث من واجبات الإحرام : لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه ، يتّزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، والأقوى عدم كون لبسهما شرطاً في تحقق الإحرام ، بل كونه واجباً تعبّديّا (١) ،


الأثر يجري ، سواء كان المورد مجهول التاريخ أو معلومه ، ولا مجال للرجوع إلى البراءة بعد إمكان جريان الأصل الموضوعي.

(١) وجوب لبس ثوبي الإحرام المسمّى أحدهما بالإزار والآخر بالرداء اتفاقي بين الأصحاب ولم يخالف فيه أحد منّا بل من المسلمين كافة ، وقد جرت عليه السيرة من زمن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وزمن الأئمّة عليهم‌السلام إلى زماننا ، فلا كلام في أصل الوجوب وإنما يقع الكلام في جهات :

الاولى : أنّ المستفاد من الأخبار هل هو وجوب لبسهما أو استحبابه؟ ربّما يقال بوجوب ذلك لعمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم‌السلام وسائر المسلمين ، ولكن يردّه أن مجرد العمل لا يدل على الوجوب وإذن فلا بدّ من ذكر بعض الأخبار التي استفيد منها الوجوب ، فمنها : الأخبار الآمرة بلبس الثوبين ولو على نحو الجملة الخبرية ، بناءً على ما هو الصحيح من دلالتها على الوجوب كظهور الأمر في الوجوب ولا يرفع اليد عنه إلّا بالقرينة ، ومجرّد الاقتران بالأُمور المستحبّة غير ضائر بدلالة الأمر على الوجوب ، لما ذكرنا في المباحث الأُصولية (١) أنّ الأمر ظاهر في الوجوب ، ففي كل مورد قامت القرينة على الاستحباب نرفع اليد عن الوجوب في ذلك المورد ويبقى الباقي على الوجوب ، فلو قال : اغتسل للجنابة والجمعة نلتزم بالوجوب لظهور الأمر فيه ، وإنما نلتزم باستحباب غسل يوم الجمعة لقيام القرينة الخارجية على عدم الوجوب.

فمن جملة الروايات : صحيحة معاوية بن وهب في حديث ، «حتى تأتي الشجرة

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣٢.

۴۶۹