فصل
في كيفية الإحرام

وواجباته ثلاثة :

الأوّل : النيّة ، بمعنى القصد إليه ، فلو أحرم من غير قصد أصلاً بطل (*) ، سواء كان عن عمد أو سهو أو جهل ، ويبطل نسكه أيضاً إذا كان الترك عمداً وأمّا مع السّهو والجهل فلا يبطل ويجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن ، وإلّا فمن حيث أمكن على التفصيل الذي مرّ سابقاً في ترك أصل الإحرام (١).


والصحيح أن يقال : إنّه لا حاجة إلى هذه الوجوه الضعيفة ، بل الناسي داخل في الجاهل. بيان ذلك : أنّ العلم والجهل لا بدّ من تحقق أحدهما في المورد القابل ، لأنّ التقابل بينهما في المورد القابل بالعدم والملكة ، فحالهما حال النقيضين من عدم جواز خلو المورد من أحدهما ولزوم الاتصاف بأحدهما ، كما هو الحال في الإنسان فإنّه لا يخلو من أحدهما ، نظير القدرة والعجز والعمى والبصر ، نعم الجدار أو الحجر ونحو ذلك لا يتصف بشي‌ء منهما لعدم قابليته لذلك.

ثمّ إنّ الجهل قد يكون مسبوقاً بالعلم وقد لا يكون مسبوقاً به والأوّل يسمى بالنسيان ، ويجمعهما الجهل بالفعل وعدم العلم بالشي‌ء ، فالناسي قسم من أقسام الجاهل وليس قسماً ثالثاً في قبال العالم والجاهل ، فمن كان عالماً بشي‌ء ونسي فهو جاهل بالفعل ، والنص وإن بيّن حكم الجاهل إلّا أن إطلاقه يشمل الناسي لأنه فرد من أفراد الجاهل ، فالنص بنفسه يتكفل حكم الناسي فلا حاجة إلى التشبث بالوجوه الضعيفة.

(١) لا ريب في أنّ الواجب الأوّل في الحج هو الإحرام ، وقد وقع الكلام في

__________________

(*) فيجري عليه حكم تارك الإحرام ، وقد مرّ تفصيل ذلك [في المسألة ٣٢٢١ التعليقة ٤].

۴۶۹