في طريق عرفات ، وهي مع العود إلى مكّة مسافة تلفيقية حكم عليه‌السلام بالإتمام إذا زار البيت ، وكذا في رجوعه إلى منى وهي دون المسافة.

وهذا كلّه من شؤون المرور على الوطن ، وإلّا فلما ذا يتمّ في مكّة لدى عودته إليها مع عدم قصد الإقامة ، وهكذا في منى مع أنّه في طريق السفر. فيكشف ذلك عن تنزيل مكّة منزلة الوطن لمن قدمها قبل التروية بعشرة أيام قاصداً الإقامة فيها ، وأنّها قاطعة للموضوع لا للحكم.

ولكن الصحيحة موردها كما عرفت خصوص مكّة ، وحينئذ فان كان هناك إجماع على خلاف مضمونها وأنّه لا فرق بين مكّة وغيرها في أنّ من خرج عن محلّ الإقامة إلى المسافة وعاد يحتاج إلى تجديد قصدها وإلّا بقي على التقصير ، فلا مناص حينئذ من طرح الرواية وردّ علمها إلى أهله.

وإن لم يتم الإجماع عملنا بالرواية واقتصرنا على موردها ، أعني خصوص مكّة ، من غير أن يتعدّى إلى سائر البلدان ، لعدم الدليل ، ولا غرو فانّ لهذه البقعة المقدّسة من أجل شرافتها ورفعة شأنها أحكاماً خاصّة مثل التخيير بين القصر والتمام للمسافر ونحو ذلك ، فليكن هذا الحكم أيضاً من هذا القبيل فيلتزم بالقطع الموضوعي والتنزيل منزلة الوطن في خصوص مكّة.

ولكن الظاهر لزوم طرح الرواية ، لا لمجرّد الإجماع المزبور ليناقش في كونه تعبّدياً كاشفاً عن رأي المعصوم ، ولا من أجل الإعراض ليورد بعدم كونه مسقطاً للصحيح عن الاعتبار على مسلكنا ، بل من أجل ما أسميناه بالدليل الخامس.

فانّ هذه المسألة ، أعني الإقامة بمكّة قبل يوم التروية عشرة أيام كثيرة الدوران ومحلّ للابتلاء جدّاً ، ولا سيما في الأزمنة السالفة الفاقدة للمراكب السريعة المتداولة في العصر الحديث ، فكانوا يضطرّون للإقامة المزبورة طلباً للاستراحة

۴۴۱