فصّل بعد نقل الأخبار بين الإعادة في الوقت والقضاء خارجه ، فحكم بوجوب الأوّل دون الثاني (١). ولعلّ ذلك مجرّد جمع منه بين الأخبار لا أنّه فتواه ، فانّ الاستبصار كتاب حديث غير معدّ للفتوى ، وعليه فلا خلاف في المسألة.

وكيف ما كان ، فيستدلّ للمشهور بصحيحة زرارة ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده ، فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلّوا ، وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ، ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين ، قال : تمّت صلاته ولا يعيد» (٢).

ولكنّه قابل للمناقشة ، فإنّا لو كنّا نحن وهذه الصحيحة لحكمنا بنفي الإعادة وصحّة الصلاة ، لصراحتها في ذلك ، ولا سيما بعد التعبير بكلمة «تمّت» الدالّة على تمامية الصلاة وعدم خلل فيها ، والتزمنا من أجلها بأحد أمرين :

إمّا أنّ الموضوع للقصر مجرّد قصد المسافة وإن لم يتعقّب بسير الثمانية خارجاً كما هو الحال في قصد الإقامة بلا كلام ، فإنّه بنفسه موضوع للتمام وإن لم يقم عشرة أيام.

أو أنّ الشارع اجتزأ بغير المأمور به عن المأمور به في مقام الامتثال ، فيكون القصر حينئذ مسقطاً للواجب تعبّداً. وكيف ما كان ، فكنّا نلتزم بالإجزاء بأحد الوجهين.

ولكنّها معارضة بروايتين :

إحداهما : صحيحة أبي ولاد الصريحة في وجوب القضاء ، الواردة في من سافر في النهار ولم يسر بريداً ، ورجع في اللّيل من نيّته وبدا له أن يرجع ، قال :

__________________

(١) الاستبصار ١ : ٢٢٨ ذيل ح ٨٠٩.

(٢) الوسائل ٨ : ٥٢١ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٣ ح ١.

۴۴۱