نعم ، المشي إلى توابع البلد ليس من السفر في شي‌ء ، وأمّا مع الابتعاد الكثير ولو على سبيل التدريج فلا ينبغي التأمّل في صدق اسم المسافر عليه جزماً.

ولكن مع ذلك لا يثبت في حقّه القصر ، لا لعدم صدق اسم السفر ، بل لكونه من المقيم حقيقة ، فإنّ المراد به كما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى (١) ليس من يقصد الإقامة في مكان واحد شخصي ، بل يشمل المحلّ وتوابعه ، فلا ينافي الحركة إلى الأسواق والشوارع ، بل إلى خارج البلد لتشييع جنازة أو تفرّج ونحو ذلك ، كما لا ينافي الحركة إلى توابع المحلّ في سكنة البوادي لتحصيل حطب أو سقي دابة ونحوهما ، فانّ كلّ ذلك لا يتنافى مع عنوان الإقامة وقصدها.

وعليه فإذا فرضنا أنّ هذا الخارج خرج قاصداً للثمانية بانياً على أن يمشي كلّ يوم عشرة أمتار مثلاً ، أو كما حكي عن الدرويش الفلاني من مشيه كلّ يوم بمقدار العصا أي متراً واحداً فمثل هذا الشخص مقيم دائماً ، ولأجله يجب عليه التمام.

وبعبارة اخرى : الخارج بقصد أن يمشي في كلّ يوم عشرة أمتار مثلاً فهو لا محالة قاصد للإقامة في كلّ مائة عشرة أيام ، إذ هو كذلك في المائة الثانية والثالثة وهكذا ، فهذا المقدار من المساحة مورد لقصد الإقامة دائماً ، لما عرفت من عدم منافاته مع الحركة في خلالها ، إذ لا يراد بها الإقامة في مكان شخصي.

ولو فرضنا ذلك في من لا يتمكّن من المشي كالأعرج فالأمر أظهر ، إذ لا شك حينئذ في كونه مسافراً غايته أنّ حركته بطيئة.

وعلى الجملة : فالمتعيّن في الفرض المزبور هو التمام ، لكن لكونه من المقيم ، لا لعدم كونه مسافراً. نعم ، لو فرضنا الحركة أكثر من ذلك بحيث لا يصدق معه المقيم تعيّن التقصير حينئذ ، بعد ما عرفت من صدق اسم السفر عليه. فالمتّجه

__________________

(١) في ص ٢٧١ ٢٧٢.

۴۴۱