أمّا الكوفة : فالروايات الواردة فيها مختلفة :

فمنها : ما تضمّن التعبير بحرم أمير المؤمنين عليه‌السلام وهي صحيحة حماد بن عيسى المتقدّمة (١).

ولكنّها مجملة لم يعلم المراد من الحرم ، وأنّه مطلق البلد أم خصوص المسجد وإن كان قد يستشعر الأوّل بمقتضى مناسبة الحكم والموضوع ، حيث إنّ مكّة والمدينة المذكورين في الصحيحة بتمامهما حرم الله ورسوله كما عرفت ، والمناسب لذلك أن يكون حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام أيضاً كذلك.

ولكنّه مجرّد إشعار ، وهو غير الدلالة. ومن المعلوم أنّ المخصّص إذا كان مجملاً دائراً بين الأقلّ والأكثر لا بدّ فيه من الاقتصار على المقدار المتيقّن ، وهو في المقام خصوص المسجد ، فيرجع فيما عداه إلى عمومات القصر.

ومنها : ما علّق الحكم فيه على نفس البلد أعني الكوفة ، وهي رواية زياد القندي قال «قال أبو الحسن عليه‌السلام : يا زياد أُحبّ لك ما أُحبّ لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي ، أتمّ الصلاة في الحرمين ، وبالكوفة ، وعند قبر الحسين عليه‌السلام» (٢).

رواها الشيخ قدس‌سره بسندين (٣) ، كلاهما ضعيف ، ولا أقلّ من جهة وقوع جعفر بن محمد بن مالك فيهما ، فقد قيل إنّه كذّاب ، بل اجتمعت فيه عيوب الضعاف ، ولذا تعجّب النجاشي قائلاً : لا أدري كيف روى عنه شيخنا النبيه الثقة أبو علي بن همام وشيخنا الجليل الثقة أبو غالب الزراري (٤). وأمّا

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٥٢٤ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ١ ، وقد تقدّمت في ص ٣٩٨.

(٢) الوسائل ٨ : ٥٢٧ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ١٣.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٣٠ / ١٤٩٥ ، ١٤٩٩.

(٤) رجال النجاشي : ١٢٢ / ٣١٣ ، معجم رجال الحديث ٥ : ٨٧ / ٢٢٨٨.

۴۴۱