صحيحاً. فصحّة التمام منه ليس لأجل أنّه تكليفه ، بل من باب الاغتفار ، فلا ينافي ما ذكرناه قوله : اقض ما فات كما فات. ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر لا التمام ، وكذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه فإنّه لو لم يصلّ أصلاً عصياناً أو لعذر وجب عليه القضاء قصراً.
إنّما الكلام فيما إذا لم يأت بالتمام فترك الصلاة رأساً إلى أن خرج الوقت عصياناً أو نسياناً فهل يجب القضاء قصراً لكونه الوظيفة الأصلية ، أو تماماً لانقلاب التكليف إليه ، المستكشف من صحّة التمام لو فعله في الوقت ، فيشمله قوله عليهالسلام : اقض ما فات كما فات (١).
ومحلّ الكلام ما لو ارتفع جهله خارج الوقت قبل التصدّي للقضاء ، وأمّا لو قضاها تماماً جرياً على جهله السابق ثمّ انكشف الحال فالظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال في الصحّة ، عملاً بإطلاق دليل الإجزاء ، الشامل لحالتي الأداء والقضاء كما هو واضح.
والظاهر وجوب القضاء قصراً كما ذكره في المتن ، بل لا ينبغي التأمّل فيه فانّ القصر هو الوظيفة الواقعية الثابتة في حقّ الجاهل كغيره ، بمقتضى عموم دليل وجوبه لكلّ مسافر ، غاية الأمر أنّه قام الدليل على الاجتزاء بما يفعله من التمام حال الجهل ، الذي مرجعه لدى التحليل إلى التخصيص في عموم دليل قدح الزيادة ، لا إلى انقلاب التكليف الواقعي وتبدّله من القصر إلى التمام ، فانّ هذا غير مستفاد من دليل الإجزاء بوجه.
وبعبارة اخرى : لو كنّا نحن ودليل وجوب القصر ولم يكن لدينا ما يدلّ على
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٦٨ / أبواب قضاء الصلوات ب ٦ ح ١ [والمذكور في الحديث : «يقضي ما فاته كما فاته»].