ونحوها صحيحة العيص (١). وفي صحيحة الشحام : «يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثني عشر ميلاً» (٢) ، ونحوها غيرها كما لا يخفى على من لاحظها.

وأمّا تحديد الميل فلم يذكر في شي‌ء من النصوص ما عدا رواية واحدة وهي مرسلة الخزاز المشتملة على تحديده بثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع (٣) ، وهو خلاف ما هو المشهور بين الفقهاء واللّغويين (٤) من تحديده بأربعة آلاف ذراع ، ولعلّ المراد من الذراع في الرواية معنى آخر ، فانّ لها أيضاً اصطلاحات. وكيف ما كان ، فقد حدّد الفقهاء الميل بأربعة آلاف ذراع بذراع اليد ، الذي طوله أربع وعشرون إصبعاً ، كل إصبع عرض سبع شعيرات ، كلّ شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون كما ذكره في المتن.

ولكنّك خبير بأنّ الأحكام الشرعية لا تبتني على مثل هذه التدقيقات العقلية التي لا تندرج تحت ضابط معيّن ، وربما يوجب الاختلاف اليسير بين شعرة وشعرة ، أو شعيرة ومثلها ، أو ذراع وذراع اخرى الفرق الكثير بالإضافة إلى المجموع ، إذ لا ريب أنّ هذه الأُمور تختلف صغراً وكبراً ، طولاً وقصراً.

فإذا فرضنا أنّ ذراعاً مع ذراع اخرى وكلاهما متعارف اختلفا في جزء من مائة فطبعاً ينقص من ستّة وتسعين ألف إصبع الحاصل من ضرب أربعة آلاف في أربعة وعشرين الشي‌ء الكثير ، بل لو كان الاختلاف في جزء من عشرة لنقص من هذا المجموع عشره وهو يقرب من عشرة آلاف إصبع ، فيتحقق البون الشاسع بين التقديرين. وهكذا لو لوحظ الاختلاف بين الشعرتين أو الشعيرتين مع فرض كونهما متعارفتين.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٤٥٥ / أبواب صلاة المسافر ب ١ ح ١٥ ، ١٤.

(٢) الوسائل ٨ : ٤٥٦ / أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٣.

(٣) الوسائل ٨ : ٤٦٠ / أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ١٣.

(٤) المنجد : ٧٨٢ مادّة ميل.

۴۴۱