المثال المزبور ، أو في مثل قوله تعالى ﴿فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا الآية (١) فتدبّر جيداً هذا.

ويؤكّد ما ذكرناه ، بل يعيّنه التعبير بصيغة الماضي في صحيحة سعد بن أبي خلف قال : «سأل علي بن يقطين أبا الحسن الأوّل عليه‌السلام عن الدار تكون للرجل بمصر والضيعة فيمرّ بها ، قال : إن كان ممّا قد سكنه أتم فيه الصلاة وإن كان ممّا لم يسكنه فليقصّر» (٢).

حيث علّق عليه‌السلام الحكم بالتمام على ما إذا سكنه سابقاً وإن أعرض عنه ، غايته أنّها مطلقة من حيث تحديد السكونة بستّة أشهر وأن تكون في منزله المملوك ، فيقيّد بكلا الأمرين بمقتضى صحيحة ابن بزيع.

وكيف ما كان ، فلا ينبغي التأمل في دلالة الصحيحة بوضوح على ثبوت الوطن الشرعي كما يقوله المشهور ، ويتحقّق بوجود منزل مملوك له في محلّ قد سكنه ستّة أشهر عن قصد ونيّة كما تقتضيه هيئة الاستيطان ، باعتبار دلالة الاستفعال على الاتخاذ المتقوّم بالقصد ، فاذا تحقّق ذلك أتمّ المسافر صلاته كلّما دخله إلى أن يزول ملكه.

بقي هنا أمران :

أحدهما : أنّه نسب إلى المشهور اعتبار قصد التوطّن الأبدي في تحقّق الوطن الشرعي ، وأنّه متى مضى على هذا العزم والقصد ستّة أشهر يحكم بالإتمام متى دخل وإن أعرض ، فلا تكفي الإقامة الفاقدة لقصد التوطّن الدائم.

ولكن هذه النسبة لم نتحقّقها ، ولم يثبت ذهاب المشهور إليها ، وعلى تقدير الثبوت لا دليل عليه بوجه ، فانّا قد ذكرنا أنّ التفسير المذكور في الصحيح ناظر

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٣٠.

(٢) الوسائل ٨ : ٤٩٤ / أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ٩.

۴۴۱