بأن يكون له منزل يقيم فيه ستة أشهر.
وأورد على هذا الاستدلال غير واحد من الأعاظم منهم المحقّق الهمداني قدسسره (١) فأنكروا دلالة الصحيحة على الوطن الشرعي ، بل هي ناظرة إلى الوطن العرفي ، وأنّه يجوز أن يكون الشخص ذا وطنين ، بأن يبني على الإقامة في محلّ من قرية أو ضيعة ستة أشهر في كلّ سنة ، وبذلك يصبح هذا المحل وطنه العرفي في قبال الوطن الأصلي ، فهي مسوقة لبيان كيفية اتخاذ المتوطّن وطناً ثانياً مستجداً ، وأنّ الوطن كما يكون بالأصل يمكن أن يكون بالاتخاذ والجعل ، الذي يتحقّق بالإقامة في كلّ سنة ستّة أشهر. فلا دلالة لها على وطن آخر غير العرفي.
وقرّبوا ذلك بأنّا لو فرضنا أن ابن بزيع لم يسأل ثانياً عن الاستيطان لكان الإمام عليهالسلام يقتصر بطبيعة الحال على الجواب الأوّل الذي هو ظاهر في الاستيطان العرفي ، ولم يكن أمراً مجهولاً لا لابن بزيع ولا لغيره من أهل العرف ، غير أنّه من باب الاتفاق استوضحه ثانياً. فلو كان المراد معنى آخر غير العرفي لكان الجواب مشتملاً على نوع من الإجمال والإبهام غير المناسب لمقام الإمام عليهالسلام.
ويؤيّده : التعبير بصيغة المضارع في المفسَّر والمفسِّر ، أعني قوله : «يستوطنه» وقوله عليهالسلام : «يقيم» الظاهر في الدوام والاستمرار والتلبّس بالحال بأن تكون الإقامة والاستيطان ستّة أشهر مستمرّة في كلّ سنة كما قيّده بذلك الصدوق في الفقيه (٢) الذي لا ينطبق إلّا على المعنى العرفي.
فلو كان المراد الوطن الشرعي بأن يناط الإتمام متى دخل بإقامة الأشهر
__________________
(١) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٧٣٩ السطر ١٣.
(٢) الفقيه ١ : ٢٨٧ ذيل ح ١٣٠٩.