التقصير قال : إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتمّ ، وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصّر ، وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» (١) فاستدلّ بإطلاقها كالرواية المتقدّمة.

وهو أيضاً ممنوع ، لعدم الإطلاق لها في نفسها ، بل هي ناظرة مثل الرواية المتقدّمة إلى أوّل الشروع في السفر وابتداء التلبّس به ، لا من كان محكوماً به قبل ذلك. فتختصّ لا محالة بالخروج من الوطن.

بل هذه أولى بمنع الإطلاق ، بقرينة قوله عليه‌السلام في ذيلها : «وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» فإنّه يجعلها كالصريح في كون الصدر ناظراً إلى ابتداء الشروع في السفر ، لعدم كون العود إلى محلّ الإقامة قدوماً من السفر ، بل القدوم منه بالدخول في الوطن ، فيكون مورد الصدر الخروج منه فقط ، فلا تعمّ الخروج من محلّ الإقامة جزماً.

وأمّا صحيحة ابن مسلم المتقدّمة (٢) فقد عرفت أنّها أوضح في عدم الدلالة على الإطلاق ، لكونها سؤالاً عمن يريد السفر ، فهي ناظرة إلى الحاضر الذي يريد إحداث السفر وإنشاءه ، فأجاب عليه‌السلام بأنّه لا يقصر إلّا مع تواري البيوت. فهي أجنبية عمّن كان مسافراً وقد قصد الإقامة.

وعلى الجملة : فشي‌ء من هذه الروايات لا تدلّ بوجه على اعتبار حدّ الترخّص في محلّ الإقامة.

نعم ، الذي يمكن أن يستدلّ به على ذلك ما ورد من أنّ المقيم عشرة بمكّة بمنزلة أهلها ، وهي صحيحة زرارة «قال : مَن قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة ، وهو بمنزلة أهل مكّة» (٣) فيدعى أنّ عموم التنزيل يقتضي

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٤٧٢ / أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ٣.

(٢) الوسائل ٨ : ٤٧٠ / أبواب صلاة المسافر ب ٦ ح ١ ، وقد تقدّمت في ص ٢١١.

(٣) الوسائل ٨ : ٤٦٤ / أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٣.

۴۴۱