أن يصلّي قصراً كما صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آخر القصّة (١). فلو كان الحكم هو التخيير فما هو الوجه في هذا الامتناع والإصرار عليه.

فتحصّل : أنّ الأظهر ما عليه أكثر المتأخّرين ونسبه ابن أبي عقيل إلى آل الرسول من تعيّن القصر وإن لم يرجع ليومه ، وأنّ الثمانية فراسخ لا فرق فيها بين الامتداد والتلفيق مطلقاً.

نعم ، تضمّن الفقه الرضوي التصريح بالتفصيل المنسوب إلى المشهور من تعيّن التقصير في الراجع ليومه ، والتخيير في غير يومه (٢). لكن عرفت مراراً أنّه لم يثبت كونه رواية فضلاً عن اعتبارها ، ولعلّ الكتاب مجموعة فتاوى لفقيه مجهول. ولو سلّمنا كونه رواية معتبرة فلا مناص من طرحها ، لمعارضتها لأخبار عرفات التي هي روايات مستفيضة مشهورة قد دلّت على تعيّن التقصير كما عرفت.

بقي الكلام في صحيحة عمران بن محمد ، قال «قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام : جعلت فداك إنّ لي ضيعة على خمسة عشر ميلاً خمسة فراسخ فربّما خرجت إليها فأُقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام ، فأُتمّ الصلاة أم أُقصّر؟ فقال : قصّر في الطريق وأتمّ في الضيعة» (٣).

أقول : هذه الرواية لا بدّ من ردّ علمها إلى أهله وإن كانت صحيحة ، فإنّ ما تضمّنته من التفصيل بين الضيعة والطريق لم يظهر له وجه أبداً ، إذ الضيعة إن كانت وطناً له ولو شرعاً من أجل إقامته فيها ستّة أشهر ولذلك حكم عليه‌السلام فيها بالتمام ، فلما ذا يقصّر في الطريق بعد إن لم يكن حينئذ قاصداً للمسافة

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٤٦٥ / أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٩.

(٢) فقه الرضا : ١٥٩ ، ١٦١.

(٣) الوسائل ٨ : ٤٩٦ / أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ١٤.

۴۴۱