ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملّاح والساعي (*) وغيرهم ممّن عمله السفر (١).


بعد ما عاد من السفرة الاولى إلى وطنه حكم عليه بالتمام بلا كلام ، وبعد ما خرج منه إلى السفرة الثانية يشكّ في انقلابه إلى القصر فيستصحب.

وفيه أوّلاً : أنّه من الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، ولا نقول به.

وثانياً : أنّ هذا من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، فإنّ التمام الثابت آن ذاك إنّما هو بعنوان كونه في الوطن ، وهذا الفرد من كلّي وجوب التمام قد زال وارتفع بالخروج إلى السفرة الثانية قطعاً ، ولو ثبت الوجوب بعدئذ فهو بعنوان كونه مكارياً ، الذي هو تخصيص في أدلّة وجوب القصر ، وهذا فرد آخر من التمام مغاير لما كان ثابتاً سابقاً ، يشكّ في حدوثه مقارناً لارتفاع الفرد السابق.

فذاك الفرد المتيقّن معلوم الارتفاع ، وهذا الفرد مشكوك الحدوث ، والكلِّي الجامع بينهما غير قابل للاستصحاب ، لما عرفت من كونه من قبيل القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، والمقرّر في محلّه عدم جريانه (١).

فتحصّل : أنّ الأظهر هو الاختصاص بالسفرة الاولى ، ووجوب التمام فيما عداها لا للاستصحاب ، بل للدليل اللفظي حسبما عرفت.

(١) لا يخفى أنّ مقتضى الإطلاق في الأدلّة الأوّلية وجوب التقصير على كلّ مسافر ، خرجنا عن ذلك في المكاري ونحوه ممّن شغله السفر بمقتضى النصوص الدالّة على وجوب التمام عليهم كما سبق ، فكان هذا تخصيصاً في الدليل الأوّلي.

__________________

(*) الأظهر اختصاص الحكم بالمكاري دون غيره.

(١) مصباح الأُصول ٣ : ١١٤.

۴۴۱