إذن فيدور الحكم مدار صدق هذا العنوان الذي ربما يتّفق بسفرة واحدة خصوصاً إذا كانت طويلة ، بل قد يتّفق في أثناء السفر الواحد لا من الأوّل ، كما لو سافر وصادف أنّه اشترى دوابا فكارى بها وبنى على الاشتغال بالمكاراة.

وربما لا يصدق إلّا لدى تعدّد السفرات كما هو الحال في سائر العناوين من الحرف والصناعات ، كما لو كانت له سيارة فكراها لا بقصد المزاولة للعمل بل لأجل غرض آخر ، ثمّ اتّفق بعد أيام كذلك ، ثمّ بعد أيام أُخرى كذلك ، فتكرّر منه العمل على حدٍّ صدق عليه المكاري عرفاً.

وعلى الجملة : يدور الحكم بعد لحاظ التقييد المزبور على الصدق العرفي الذي قد يتوقّف على التكرّر ، وقد لا يتوقّف حسبما عرفت.

إلّا أنّ الطائفة الثالثة اعتبرت عنوان الاختلاف ، المتقوّم بالتكرّر مع البناء على الاستمرار على ذلك كما لا يخفى ، ومن ثمّ قد يتوهّم المعارضة بينها وبين الطائفة المتقدّمة.

ولكنّ الصحيح عدم المعارضة ، لابنتائها على أن يكون للوصف أعني التقييد بالاختلاف مفهوم ، والمحقّق في محلّه عدمه ، فلا يدلّ على أنّ غير هذا المورد غير محكوم بهذا الحكم ليتنافى مع ما سبق.

نعم ، ذكرنا في الأُصول (١) أنّ له مفهوماً بمعنى آخر ، وهو الدلالة على عدم تعلّق الحكم بالطبيعي على إطلاقه وسريانه ، وإلّا لأصبح التقييد بالوصف لغواً محضاً ، وأمّا أنّ الحكم خاصّ بهذا المورد ومنفي عمّا عداه كما هو معنى المفهوم اصطلاحاً فكلا. فغايته أنّ طبيعي المكاري غير محكوم بالتمام ، لا أنّه خاصّ بمن يختلف ، ومن الجائز ثبوته لغير هذا الفرد كمن كان شغله السفر وإن لم يختلف

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ١٣٣ وما بعدها.

۴۴۱