الثاني : مرفوعة عمران بن محمد عن أبي عبد الله عليه‌السلام «قال : الجمال والمكاري إذا جدّ بهما السير فليقصّرا فيما بين المنزلين ويتما في المنزل» (١).

وفي كلا الأمرين ما لا يخفى.

فإنّ الأوّل اجتهاد من الكليني نفسه (٢) ، فهو دراية لا رواية ، فلا شهادة فيه ولم يتّضح مستنده في هذا التفسير ، فانّ «الجدّ» لغة بمعنى الشدّة (٣) ، وأحد مصاديقها في المقام جعل المنزلين منزلاً ، لا أنّها تختصّ به ، وربما يكون جدّ السير من أجل الحر أو البرد ، أو كون الطريق وعراً أو مخوفاً ونحو ذلك.

والثاني : مضافاً إلى ضعف السند من أجل الرفع والإرسال وجهالة حميد بن محمد (٤) قاصر الدلالة ، لعدم التعرّض لتفسير الجدّ بجعل المنزلين منزلاً ، بل غايته التفصيل بالتقصير فيما بين المنزلين والإتمام في نفس المنزل ، وهذا كما ترى أجنبي عمّا نحن بصدده.

وعلى الجملة : فهذه الوجوه كلّها بعيدة وخلاف الظاهر جدّاً ، ولعلّه لذلك عمل بظاهرها جماعة من المتأخّرين كصاحب المدارك (٥) والحدائق (٦) والمعالم (٧)

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٤٩١ / أبواب صلاة المسافر ب ١٣ ح ٣.

(٢) كون التفسير من الكليني نفسه غير واضح وإن أوهمه عبارة الوسائل ، بل ظاهر الكافي ٣ : ٤٣٧ ذيل ح ٢ خلافه.

(٣) المنجد : ٨٠ مادّة جدّ.

(٤) [لم يرد حميد بن محمد في السند ، فيحتمل إرادة عمران بن محمد ، وقد وثّقه الشيخ في رجاله : ٣٦٠ / ٥٣٣٥ ، راجع معجم رجال الحديث ١٤ : ١٦١ / ٩٠٦٩].

(٥) المدارك ٤ : ٤٥٦.

(٦) الحدائق ١١ : ٣٩٣.

(٧) منتقى الجمان ٢ : ١٧٧.

۴۴۱