ابن مسلم المتقدّمة ، أعني بريد ذاهباً وبريد جائياً (١).

فالمراد من صحيحة ابن مسلم أنّه أتى بشي‌ء شاغل ليومه ، وهذا هو الحدّ الموجب للتقصير ، لا أنّه شاغل فعلاً كي يختصّ بمريد الرجوع ليومه ، فلا تكون مقيّدة لتلك الأخبار كي تتحقّق المعارضة بينها وبين أخبار عرفات كما أُفيد حتّى يرجع إلى أصالة التمام. وهذا الوجه هو عمدة المستند لهذا القول ، وقد عرفت ضعفه.

وقد استدلّ أيضاً ببعض الروايات الأُخر :

منها : موثّقة عمار قال : «سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستّة فراسخ ويأتي قرية فينزل فيها ، ثمّ يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أُخرى أو ستّة فراسخ لا يجوز ذلك أي لا يتعدّى عن هذا المقدار ثمّ ينزل في ذلك الموضع ، قال : لا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ ، فليتمّ الصلاة» (٢).

قالوا : إنّ العادة قاضية برجوع هذا الشخص الخارج لحاجة ما دون العشرة وعدم قصده للإقامة ، ومقتضى الإطلاق لزوم التمام سواء رجع ليومه أم لغير يومه ، والمتيقّن خروجه عن الإطلاق بمقتضى النصوص المتقدّمة هو الأوّل فيبقى الثاني مشمولاً للإطلاق.

وفيه : أنّ الإطلاق وإن كان مسلّماً ، إلّا أنّ ما دلّ على خروج الراجع ليومه بعينه يدلّ على خروج الراجع لغير يومه ، لأنّ دليل المقيّد وهي الروايات الدالّة على التقصير في بريد ذاهباً وبريد جائياً مطلق أيضاً يشمل بإطلاقه كلتا الصورتين ، فلا موجب لرفع اليد عن هذا الإطلاق وتخصيصه بالراجع

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٤٦١ / أبواب المسافر ب ٢ ح ١٤ ، ١٥.

(٢) الوسائل ٨ : ٣٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.

۴۴۱