القاعدة الكلّية التي أسلفناك غير مرّة (١) وتمسّكنا بها في غير مورد ، واستفدناها من غير واحد من النصوص من أنّ كلّ من كان محكوماً بالتمام لا تنقلب وظيفته إلى القصر إلّا إذا قصد المسافة الشرعية ولو ملفّقة ، المفقود فيما نحن فيه ، لفرض عدم قصدها بعد العود إلى الطاعة والحكم عليه بالتمام.

والظاهر أنّ المسألة متسالم عليها بين الفقهاء ، والقول بالقصر وضمّ الباقي بما سبق ممّا تفرّد به الماتن قدس‌سره.

بقي شي‌ء : وهو أنّه لو كان ابتداء سفره مباحاً ثمّ عدل في الأثناء إلى المعصية فانقلب الحكم إلى التمام حسبما عرفت انقلاباً واقعياً أو ظاهرياً ، وأخيراً عاد إلى الطاعة ولم يكن الباقي مسافة ، فهل ينضمّ إلى الماضي أعني المسافة الأُولى ويستثنى المتخلّل ، فيحكم بالقصر إذا كان المجموع مسافة؟.

ذهب بعضهم إلى الانضمام ، والمشهور عدمه ، وهو الأظهر لوجهين :

الأوّل : ما ورد في موثّقة عمار من قوله عليه‌السلام : «لا يكون مسافراً حتّى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ» (٢) الظاهر في لزوم كون الثمانية مقصودة من لدن خروجه من المنزل ، ولأجله اعتبرنا الاتصال والاستمرار كما تقدّم (٣) ، وهو مفقود فيما نحن فيه.

الثاني : الكبرى الكلّية المشار إليها آنفاً من أنّ كلّ من حكم عليه بالتمام كما في المقام لا بدّ في قلبه إلى القصر من قصد مسافة جديدة ، فما لم يقصدها يبقى على التمام ، ولأجله لا ينضم الباقي بما سبق.

__________________

(١) منها ما تقدّم في ص ٨٢.

(٢) الوسائل ٨ : ٤٦٩ / أبواب صلاة المسافر ب ٤ ح ٣.

(٣) في ص ٧٠.

۴۴۱