وجعل قدسسره ذلك بمثابة التنزّه في البساتين والتفرّج بالمناظر الجميلة وغيرها ممّا قضت السيرة القطعية بإباحتها ، فكما أنّ اللهو في غير الصيد مباح فكذا في الصيد.
وقد نقل صاحب الجواهر كلام المقدّس بطوله لكي يظهر أنّه بفتواه خالف النصّ والفتوى ، بل قال قدسسره : كأنه اجتهاد في مقابلة النص (١).
وادّعى المحقّق الهمداني قدسسره (٢) أنّ مقالة المقدس إنّما تخالف الفتاوى دون النصوص ، إذ النصوص إنّما دلّت على وجوب التمام فقط ، ولا ملازمة بينه وبين حرمة السفر.
وبعبارة اخرى : ليس في الأخبار ما يدل على التحريم عدا الإشعار في بعضها ، وهي صحيحة حماد الآتية ، لمكان اقتران الباغي بالسارق ، الكاشف عن الحرمة بمقتضى وحدة السياق.
ولا بدّ لنا من عرض الأخبار لنرى مدى دلالتها.
فمنها : ما رواه الكليني بإسناده عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام : «في قول الله عزّ وجلّ ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ﴾ قال : الباغي باغي الصيد ، والعادي السارق ، وليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرا إليها ، هي عليهما حرام ، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين ، وليس لهما أن يقصِّرا في الصلاة» (٣).
وسند الرواية معتبر وإن اشتمل على معلّى بن محمد ، لوجوده في أسناد كامل
__________________
(١) الجواهر ١٤ : ٢٦٤.
(٢) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٧٤٣ السطر ٣٣.
(٣) الوسائل ٨ : ٤٧٦ / أبواب صلاة المسافر ب ٨ ح ٢ ، الكافي ٣ : ٤٣٨ / ٧.