وأمّا ندرة وجود الفرد خارجاً فقد تقرّر في محلّه أنّه لا يوجب انصراف الطبيعي عنه ، ولا يمنع عن تحقّق الإطلاق بالنسبة إليه (١) ، نعم إطلاق المطلق وإرادة خصوص الفرد النادر منه قبيح ، وهذا أجنبي عن الحكم بشمول المطلق له في ضمن شموله للأفراد غير النادرة بعد فرض صدق الطبيعة على الجميع بملاك واحد ، فإنّه لا إشكال في عدم قبحه.
مع أنّه يكفينا في المقام ذيل صحيحة زرارة المتقدّمة (٢) ، حيث جعل العبرة في وجوب القضاء بعنوان الفوت كما مرّ ، الذي لا ينبغي الريب في تحقّقه في النوم غير المتعارف على نحو تحقّقه في المتعارف منه ، هذا.
وقد يفصّل في المسألة بتفصيل آخر فيقال بالفرق بين النوم الغالب الخارج عن حدود الاختيار وبين غير الغالب ، فيحكم باختصاص وجوب القضاء بالثاني ، وذلك للتعليل المذكور في بعض روايات المغمى عليه من أنّ ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر ، فانّ المستفاد منه هي الملازمة بين نفي القضاء وبين ترك الأداء المستند إلى غلبة الله ، الشامل لكلّ من الإغماء والنوم الغالب بمناط واحد ، هذا.
والظاهر هو عدم وجود نصّ معتبر يدلّ على الملازمة المذكورة ، فإنّ ما يمكن الاستدلال به لذلك مخدوش فيه سنداً أو دلالة على سبيل منع الخلو وإليك ذلك :
١ صحيحة علي بن مهزيار : «... عن المغمى عليه يوماً أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلوات أو لا؟ فقال : لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة ، وكلّ ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر» (٣).
والمناقشة في دلالتها ظاهرة ، إذ لا يمكن الأخذ بظاهر الرواية ، فإنّ القضاء
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٧٣.
(٢) في ص ٧٠.
(٣) الوسائل ٨ : ٢٥٩ / أبواب قضاء الصلوات ب ٣ ح ٣.