وثانياً : أنّه على فرض التسليم فهو غير جارٍ في خصوص المقام ، لكونه من القسم الثالث من استصحاب الكلّي ، ولا نقول به ، فانّ شخص الوجوب الثابت في الوقت قد ارتفع بخروجه قطعاً ، لأنّه كان محدوداً بزمان خاص على الفرض.
والظاهر من الدليل هو كون الفعل مطلوباً في الزمان الخاص بنحو وحدة المطلوب ، فينتهي الحكم لا محالة بانتهاء أمده حتّى مع تسليم كون الوقت بنظر العرف من قبيل الحالات المتبدّلة دون المقوّمات ، فلا معنى لجريان الاستصحاب حينئذ إلّا إجراؤه في كلّي الوجوب المحتمل بقاؤه في ضمن فرد آخر حدث مقارناً لارتفاع الفرد الأوّل أو قارنه في الوجود ، لكنّه على كلا التقديرين غير مقطوع الثبوت. وقد حقّق في محلّه عدم حجيّة هذا القسم من استصحاب الكلّي (١).
وثالثاً : أنّه على فرض تسليم عدم ظهور الدليل في وحدة المطلوب ، وتسليم كون الوقت من قبيل الحالات المتبدّلة وكلّ ذلك فرض في فرض فالاستصحاب إنّما يتّجه على القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلّي ، نظراً إلى أنّ الوجوب في الوقت إذا كان بنحو وحدة المطلوب فقد ارتفع بخروج الوقت قطعاً ، وإذا لم يكن كذلك بل كان على نحو تعدّد المطلوب فهو باق قطعاً فيدور الأمر في الوجوب المذكور بين مقطوع الارتفاع ومقطوع البقاء.
والاستصحاب في هذا القسم وإن كان جارياً في نفسه كما ثبت في محلّه (٢) بأن يستصحب الكلّي الجامع بين الفرد القصير والفرد الطويل ، إلّا أنّه لا يكاد يجري في خصوص المقام ، وذلك للأصل الحاكم عليه وهو أصالة عدم تعلّق الوجوب بالطبيعي الجامع بين المأتي به في الوقت وخارجه.
فانّ المتيقن به من الجعل إنّما هو إيجاب الصلاة المقيّدة بالوقت سواء أكان ذلك بنحو وحدة المطلوب أم على سبيل التعدّد فيه ، حيث إنّ القائل بتعدّد
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ١١٤ ، ١٠٥.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ١١٤ ، ١٠٥.