وهذا لا بأس به لو تمّت دلالة النصوص في موردها على الوجوب ، لكنّها غير تامة ، فإنّ أقصى ما تدلّ عليه هو الجواز والمشروعية دون الوجوب وعمدتها : صحيحة أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت أو سافرت فماتت قبل خروج شهر رمضان ، هل يقضى عنها؟ قال : أمّا الطمث والمرض فلا ، وأمّا السفر فنعم» (١) ، ونحوها صحيح محمد بن مسلم (٢).
وقد استدلّ بها شيخنا الأنصاري قدسسره (٣) على الوجوب بدعوى وضوح مشروعيّة القضاء عن الغير بحيث لا يكاد يخفى ذلك على أحد ، فضلاً عن مثل أبي حمزة الذي هو من أجلّاء أصحاب الأئمة عليهمالسلام. فليس السؤال إلّا عن الوجوب ، وقد فصّل عليهالسلام في ذلك بين السفر وغيره وبما أنّه لا يحتمل الوجوب في حقّ غير الوليّ فلا محالة يختصّ الحكم به وبمقتضى عدم القول بالفصل في المسألة يتعدّى من الصوم إلى الصلاة.
وهذا الاستدلال كما ترى من أغرب أنواعه ، ولا سيما من مثله قدسسره لورود نظير ذلك في غير واحد من الروايات ممّا لا يقصد به إلّا السؤال عن أصل المشروعيّة جزماً.
والوجه فيه : أنّ المفروض في مورد السؤال في هذه الروايات إنّما هو عروض الموت قبل خروج شهر رمضان ، أي قبل زمان يتمكّن فيه الميّت من قضاء الصوم ، ولا شكّ في أنّ مشروعية القضاء من الوليّ أو غيره حينئذ تكون في غاية الخفاء ، لعدم ثبوته في حقّ الميّت حتّى يقضى عنه ، وكيف يقضي النائب ما لم يكلّف المنوب عنه به لا أداءً لأجل العذر من المرض والسفر والطمث ونحو ذلك ، ولا قضاء لكون ظرفه بعد شهر رمضان ، لقوله تعالى :
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٣٣٠ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ٤.
(٢) الوسائل ١٠ : ٣٣٤ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢٣ ح ١٦.
(٣) رسائل فقهية : ٢٢٧.