وأمّا لو أوصى بما يستحبّ عليه من باب الاحتياط وجب العمل به ، لكن يخرج من الثلث (١) ، وكذا لو أوصى بالاستئجار عنه أزيد من عمره فإنّه يجب العمل به والإخراج من الثلث ، لأنه يحتمل أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير (٢).
وبين ما كان ثبوتها عليه من باب الاحتياط اللزومي.
ولكن الظاهر هو الفرق ، فانّا لو سلّمنا خروج الواجبات من الأصل لكونها ديناً فإنّما يتمّ ذلك فيما ثبت اشتغال ذمّة الميت ، لكي يتحقّق معه عنوان الدين لا في صورة الجهل بالاشتغال ، وإن وجب عليه الاحتياط بحكم العقل من أجل وجود الاحتمال المنجّز ، ضرورة أنّ الاحتياط لا يحقّق عنوان الدين ولا يثبته فلا علم لنا بالوجوب حتّى يثبت بذلك موضوع الدين. فالاحتياط الوجوبي في نظر الميت لا أثر له.
نعم ، لو فرضنا أنّ هذا الاحتياط الوجوبي كان ثابتاً عند الوارث وإن لم يفرض ثبوته عند الميت لاختلافهما في الحكم اجتهاداً أو تقليداً وجب عليه الإخراج من الأصل ، لكفاية احتمال كونه ديناً في ذمّة الميت احتمالاً منجّزاً ، إذ لو لم يخرج وصادف الواقع لعوقب على مخالفته.
وأمّا إذا لم يكن الاحتياط وجوبياً في نظره وإن كان كذلك في نظر الميت فلا يحكم بالخروج من الأصل ، لعدم كون الاحتمال منجّزاً في نظر الوارث على الفرض. وتنجّزه في نظر الميت لا يكاد يحقّق عنوان الدين كما عرفت.
ومنه يظهر الحال في الواجب المالي والحج. وعلى الجملة : الاحتياط اللزومي إنّما يوجب الخروج من الأصل حتّى في الدين المالي وفي الحج فيما إذا كان كذلك بالإضافة إلى الوارث ، دون الميّت بالخصوص.
(١) كما هو ظاهر.
(٢) فانّ عمله وإن كان محكوماً بأصالة الصحّة ظاهراً إلّا أنّ وجود الخلل