بين المثاب وبين العامل حتّى ولو كان ذلك مثل التسبيب بالوصية أو الاستنابة ونحوهما.
لكنّ المبنى باطل جزماً ، فانّ الثواب المترتّب على الأعمال في باب الطاعات والعبادات ليس هو من قبيل العوض والأجر الثابتين في باب المعاملات من العقود والإيقاعات كي يكون المطيع مستحقاً على الله ثواب عمله كما يستحقه العامل ، وإنّما هو تفضّل محض ولطف بحت ، فإنّه له الملك وله الأمر ﴿لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ﴾ (١) فإن شاء تفضّل على عبده المسكين وجعله مشمولاً لعنايته ، وإلّا فلا.
وعليه فلا مانع من تفضّله تعالى على المنوب عنه كالنائب وحصول التقرّب لكليهما. أمّا النائب فلصدور الفعل العبادي منه قاصداً للتقرّب ، وأمّا المنوب عنه فلإضافة النائب العمل إليه وإتيانه من قبله بقصد تفريغ ذمّته ، فانّ هذا المقدار من الإضافة يكفي لكونه أي المنوب عنه مشمولاً للتفضّل وحصول التقرّب من الله تعالى كما لا يخفى.
بل ورد في بعض الأخبار : أنّ الكفّار أيضاً ينتفعون بعمل الحي لهم ، وذلك بتخفيف العذاب عنهم (٢). ولا محذور في ذلك على مبنى الالتزام بمسلك التفضّل في باب الثواب.
وأمّا الحكم بتفريغ ذمّة الميّت عمّا اشتغلت به ذمّته فهو ممّا يكشف لا محالة عن أنّ اشتغال ذمّته كان من الأوّل مشروطاً بعدم إتيان النائب بالعمل بعد موت المنوب عنه ، فهو في حال الحياة مكلّف بالعمل وتكون ذمّته مشغولة به ولا تبرأ ما لم يأت هو بالعمل ، إلّا أن يأتي به النائب بعد موته.
فتحصّل : أنّ الإشكال في الحكم بالتفريغ مدفوع بالاشتراط ، وأنّ إشكال الثواب مدفوع بالبناء على التفضّل ، وإشكال تنافي القربة مع أخذ العوض
__________________
(١) الأنبياء ٢١ : ٢٣.
(٢) الوسائل ٨ : ٢٧٨ / أبواب قضاء الصلوات ب ١٢ ح ٨ ، ١١ : ١٩٧ / أبواب النيابة في الحج ب ٢٥ ح ٥.