والظاهر أنّ المستند للتفصيل المذكور إنّما هو صحيحتا صفوان وزرارة الطويلة المتقدّمتان (١) ، حيث إنّهما قد دلّتا على تقديم الظهر أو العصر المنسيّة حتى غربت الشمس على المغرب ، وكذا العشاءين على الفجر.
ويتوجّه عليه مضافاً إلى ما عرفت من قصور الدلالة وأنّهما على خلاف المطلوب أدلّ ، أنّهما معارضتان بما دلّ على العكس ، أي لزوم تقديم الحاضرة على الفائتة من ذلك اليوم ، وهي صحاح أبي بصير وابني مسكان وسنان المتقدّم ذكرها الدالة على لزوم تقديم صلاة الفجر الحاضرة على العشاءين الفائتتين من ذلك اليوم.
ثانيهما : التفصيل بين اشتغال الذمة بفائتة واحدة سواء أكانت من ذلك اليوم أم من غيره ، وبين اشتغالها بفوائت متعدّدة ، فيجب التقديم في الأول دون الثاني. وكأنّ المستند له صحيحة عبد الرحمن (٢) المتقدّمة ، بحمل التنوين في قوله : «نسي صلاة» على التنكير.
ويتوجّه عليه : أنّ حمل التنوين على التنكير خلاف الظاهر ، ولا يصار إليه بدون قرينة ، بل الأصل فيه هو التمكّن كما لا يخفى. على أنّها في نفسها قاصرة الدلالة على اعتبار الترتيب كما عرفته سابقاً. ثم إنّ هذه الرواية صحيحة السند ، إذ ليس في سندها من يغمز فيه سوى معلى بن محمد ، وهو وارد في أسانيد كامل الزيارات.
ولا يقدح فيه قول النجاشي رحمهالله في حقّه : إنّه مضطرب الحديث والمذهب (٣). فانّ الاضطراب في المذهب لا ينافي الوثاقة كما هو ظاهر ، وكذا الاضطراب في الحديث ، إذ ليس معنى ذلك أنّه ممّن يضع الحديث ويكذب كي
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٨٩ / أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٧ ، ٢٩٠ / ب ٦٣ ح ١ ، وقد تقدمتا في ص ١٧٨ ، ١٨١.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٩١ / أبواب المواقيت ب ٦٣ ح ٢ وقد تقدّمت في ص ١٧٩.
(٣) رجال النجاشي : ٤١٨ / ١١١٧.