وكيف ما كان ، فقد استدلّ للاشتراط تارة بأصالة الاشتغال ، فانّا نحتمل وجداناً اشتراط صحّة الحاضرة بتقديم الفائتة ، ولا يكاد يحصل اليقين بالفراغ عن التكليف اليقيني بالحاضرة بدون مراعاة الشرطية المحتملة.
ويندفع : بما هو المحقّق في محلّه من الرجوع إلى أصالة البراءة عند الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين (١).
وأُخرى بالروايات فمنها : رواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام «قال : إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أُخرى فإن كنت تعلم أنّك إذا صلّيت التي فاتتك كنت من الأُخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ، فانّ الله عزّ وجلّ يقول ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ ...» (٢) ، فإنّ الأمر بتقديم الفائتة على الحاضرة يكشف عن دخل ذلك في صحة الحاضرة.
ويتوجّه عليه أوّلاً : أنّ الرواية ضعيفة السند بالقاسم بن عروة ، وإن عبّر عنها بالصحيحة في بعض الكلمات.
وثانياً : أنّها قاصرة الدلالة على الوجوب الشرطي ، وإنّما تدلّ على الوجوب النفسي الذي مرّ البحث عنه سابقاً ، نظراً لكونها مسوقة لبيان حكم الفائتة في حدّ نفسها وأنّها ممّا يلزم الابتداء بها إمّا وجوباً أو استحباباً على الخلاف المتقدّم ، وليست هي بصدد بيان حكم الحاضرة كي تدلّ على الاشتراط بوجه.
ثم إنّك قد عرفت فيما سبق (٣) أنّ الرواية في موطن دلالتها وهو حكم الفائتة في حدّ نفسها محمولة على الاستحباب ، ولكن لو فرضناها دالّة على الوجوب النفسي أيضاً لم يكن يستفاد منها فساد الحاضرة إلّا بناءً على القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضدّه ، ولا نقول به ، بل غايته عدم الأمر بالضد. فيمكن تصحيح العبادة حينئذ بالملاك أو بالخطاب الترتّبي.
ومنها : رواية أبي بصير قال : «سألته عن رجل نسي الظهر حتّى دخل وقت
__________________
(١) مصباح الأُصول ٢ : ٤٢٦.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٨٧ / أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٢.
(٣) في ص ١٦٣.