الوقت حاضراً ثم سافر أو بالعكس بحال تعلّق الوجوب لا حال الامتثال وعليه فتكون أجنبية عمّا نحن فيه.

على أنّها معارضة بالنصوص الناطقة بأنّ الاعتبار في القضاء بحال الفوت الذي لا يكاد يتحقّق إلّا بلحاظ آخر الوقت دون أوّله ، فإنّه من تبديل الوظيفة لا فواتها كما ستعرف (١).

والصحيح ما عليه المشهور من تعيّن القضاء قصراً ، وكون الاعتبار بحال الأداء لا الوجوب ، وذلك لوجهين :

الأول : أنّ الفوت المأخوذ موضوعاً لوجوب القضاء إنّما ينطبق على الفريضة المقرّرة حال خروج الوقت الذي هو زمان صدق الفوت ، وأمّا ما ثبت أوّلاً وقد جاز تركه آن ذاك بترخيص من الشارع في التأخير ، والمفروض هو سقوط الخطاب به عنه بتبدّل الموضوع وانقلاب الوظيفة الواقعية من التمام إلى القصر فلا فوت بالنسبة إليه كي يشمله دليل القضاء.

وبكلمة واضحة : ليس الواجب على الحاضر أوّل الوقت هو التمام بما هو وإلّا لما جاز له تركه ، مع بداهة الجواز بمقتضى التوسعة المفروضة في الوقت ، بل الواجب هو طبيعي الصلاة ، والتمام إنّما يكون شرطاً لصحّة العمل الواقع في خصوص الظرف المعيّن ، حيث لا تصحّ منه الصلاة في أوّل الوقت مع فرض كونه حاضراً حينئذ إلّا إذا أتى بها تامة ، لا أنّ الصلاة التامة بخصوصها تعلّق بها الوجوب في تلك الحال ، كيف وقد ساغ له الترك فيه بإذن من الشارع ، فلو لم يصلّها حينئذ لم يكن قد فاته شي‌ء.

وهذا بخلاف الصلاة في آخر الوقت ، فانّ الواجب عندئذ هو خصوص القصر ، ولا يسوغ له تركه ، لأجل ضيق الوقت وانحصار الطبيعة المأمور بها في هذا الفرد ، فلو ترك ذلك حتى خرج الوقت كان الفائت منه هو هذا الفرد لا محالة ، فيختص الفوت به دون غيره ، فلا يجب إلّا القضاء قصراً.

__________________

(١) ولمزيد التوضيح لاحظ ما سيأتي في الجزء ٢٠ : ٣٩١ ٣٩٤.

۳۱۴۱