معارض باستصحاب عدم جعل التخيير في خارج الوقت.

وثانياً : أنّ الاستصحاب في نفسه غير جار في المقام ، لأجل تعدّد الموضوع فإنّ الأمر الأوّل الذي كان على وجه التخيير قد سقط بخروج الوقت جزماً والمفروض هو وحدة المطلوب كما استظهرناه من الدليل حسبما عرفت (١) ، والأمر الثاني الحادث بعد خروج الوقت مشكوك الكيفية من حين حدوثه ، حيث لا ندري به أنّه على وجه التخيير أو التعيين ، فما الذي نستصحبه؟

ثم إنّ جميع ما ذكرناه إلى هنا إنّما كان مجاراة منّا ، وإلّا فالظاهر أنّ من تفوته الصلاة في أماكن التخيير ينحصر الفائت في حقّة بالفريضة المقصورة فقط ، فإنّ العبرة في القضاء بما يفوت المكلّف في آخر الوقت ، وهو زمان صدق الفوت.

ولا شك في أنّه عند ضيق الوقت إلّا بمقدار أربع ركعات كما في الظهرين تنقلب الوظيفة الواقعية من التخيير إلى التقصير ، فلا يكون الفائت إلّا الصلاة قصراً. وهذا الفرض متحقّق دائماً ، فانّ الفوت مسبوق لا محالة بالتضيّق المذكور ، ومعه لا مجال للاستصحاب ولا لدعوى التبعية ، ولا عموم أدلّة الفوت.

ويستدلّ للقول الثالث وهو التخيير فيما إذا أراد القضاء في تلك الأماكن بالاستصحاب والتبعية. وقد عرفت حالهما.

وعمدة ما يستدلّ له مكاتبة علي بن مهزيار قال : «كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : أنّ الرواية قد اختلفت عن آبائك في الإتمام والتقصير للصلاة في الحرمين إلى أن قال فكتب إليّ عليه‌السلام بخطّه : قد علمت يرحمك الله فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما فأنا أُحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر ، وتكثر فيهما من الصلاة» (٢).

فانّ مقتضى إطلاقها استحباب الإكثار من الصلاة واختيار التمام لشرف

__________________

(١) في ص ١٢٦ ، ٦٨.

(٢) الوسائل ٨ : ٥٢٥ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٤.

۳۱۴۱