أحدهما : أنّ السؤال لم يكن عن الوجوب بل عن المشروعية ، فيكون الجواب طبعاً منزّلاً عليها.

ويندفع : بأنّ المشروعية لدى الأخاويف السماوية أمر متعارف بينهم يعرفها عامة الناس ، فكيف يقع السؤال عنها سيما من الأجلاء والأعاظم نظراء زرارة ومحمّد بن مسلم الراويين لهذا الحديث. فلا جرم يكون السؤال عن الوجوب لا غير.

ثانيهما : أنّ قوله عليه‌السلام في الذيل : «حتى يسكن» آية الاستحباب لعدم وجوب إطالة الصلاة إلى سكون الآية وارتفاعها بضرورة الفقه.

ويندفع : بابتنائه على أن يكون ذلك قيداً في المأمور به ، وهو خلاف الظاهر بل في حيّز المنع ، وإنّما هو قيد للأمر أو غاية له ، ويكون المعنى على الأوّل أنّ الأمر بالصلاة باقٍ إلى زمان ارتفاع الآية وسكونها ، نظير قوله تعالى ﴿أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ (١) ، وعلى الثاني أنّ الغاية من الأمر وفائدة الإتيان بهذه الصلاة سكون الآية وهدوءها ، نظير قول الطبيب : اشرب الدواء حتّى تعافى.

ويمكن الاستدلال أيضاً بصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله «أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الريح والظلمة تكون في السماء والكسوف ، فقال الصادق عليه‌السلام : صلاتهما سواء» (٢) ، فانّ ظاهر الجواب المساواة بين صلاة الكسوف وبين الصلاة لسائر الأخاويف السماوية في الوجوب وفي الكيفية ، لا في الثاني فقط كما لا يخفى.

وتؤيّد المطلوب رواية بريد ومحمد بن مسلم المتقدّمة ، حيث عرفت أنّ بعض الآيات الواردة فيها إشارة إلى الأخاويف السماوية المذكورة في صحيحة زرارة وابن مسلم الآنفة الذكر ، غير أنّها لأجل ضعف سندها لا تصلح إلّا

__________________

(١) الإسراء ١٧ : ٧٨.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٨٦ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ٢ ح ٢.

۳۱۴۱