ولكنّه كما ترى لا يكون مانعاً عن التمسّك بها ، غايته بعد تقييد الوجوب بعدم المزاحمة وأنّه معها يتمّ الفريضة ثم يبني ، فإنّ هذا التقييد لا يمنع عن شمول لفظ البعض لأظهر المصاديق وأبرزها كما عرفت.
نعم ، يرد على الاستدلال بها أولاً : جواز أن يكون المراد من البعض هي الآيات المعهودة بين الناس والمعلوم كونها كالكسوف موجبة للصلاة كالعواصف الشديدة والرياح المظلمة ونحوها من الأخاويف السماوية الواردة في صحيحة محمّد بن مسلم وزرارة الآتية ، فتكون تلك الصحيحة إشارة إلى هذه وكون الزلزلة عندهم مثلها غير معلوم.
وثانياً : أنّها غير نقية السند وإن عبّر عنها المحقّق الهمداني (١) كصاحب الجواهر (٢) بالصحيحة ، فإنّ طريق الصدوق إلى بريد مجهول ، حيث لم يذكر في المشيخة. وطريقه إلى محمّد بن مسلم ضعيف ، فانّ فيه علي بن أحمد بن عبد الله ابن أحمد البرقي عن أبيه (٣) وكلاهما مجهول.
ثالثها : التعليل الوارد في رواية الفضل بن شاذان المتقدّمة (٤) بعد وضوح أنّ الخوف الحاصل من الزلزلة المجعول مناطاً لوجوب الصلاة في هذه الرواية أعظم من غيرها من سائر الآيات.
وفيه : مضافاً إلى أنّ الخوف المزبور حكمة للتشريع لا علّة للحكم ليلزم اطّرادها كما تقدّم أنّها ضعيفة السند ، لضعف طريق الصدوق إلى الفضل (٥). فما في مصباح الفقيه من الحكم باعتبار السند (٦) في غير محلّه.
__________________
(١) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٤٧٨ السطر ٩.
(٢) الجواهر ١١ : ٤٠٦.
(٣) الفقيه ٤ (المشيخة) : ٦.
(٤) الوسائل ٧ : ٤٨٣ / أبواب صلاة الكسوف والآيات ب ١ ح ٣ ، وقد تقدمت في ص ٨.
(٥) الفقيه ٤ (المشيخة) : ٥٣.
(٦) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٤٧٨ السطر ٣٢.