وإن أتى به مؤخراً لا يستحق الأُجرة على الأوّل وإن برئت ذمّة المنوب عنه به ويستحق المسماة على الثاني إلّا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أُجرة المثل ،
المستأجر قد ملك هذا العمل في ذمّة الأجير ويجب عليه تسليمه إلى المستأجر ، وحيث لم يسلم إليه العمل في وقته المقرر يثبت الخيار للمستأجر ، فإذا فسخ المستأجر العقد يطالب الأجير بالأُجرة المسماة ، وإذا لم يفسخ يطالبه بقيمة العمل الذي فوته الأجير على المستأجر فلا مقتضي للبطلان والانفساخ أصلاً ، وقد تكون القيمة التي يأخذها من الأجير أكثر من الأُجرة وقد تكون أقل.
وأمّا لو فرض كون التعيين على وجه الاشتراط فإن أسقط المستأجر الشرط فيستحق الأجير الأُجرة المسماة ، لأنه أتى بالعمل المستأجر عليه فيستحق الأُجرة المقابل له ، وإن فسخ حسب خيار تخلف الشرط يأخذ الأُجرة المسماة ويسترجعها من الأجير ، ولكنه يعطيه اجرة المثل في قبال العمل الذي أتى به بأمر المستأجر.
وأمّا التقديم على الوقت الذي عيّنه ، فإن كان هناك قرينة على أن التحديد والتعيين بوقت خاص لأجل عدم التأخير عن هذا الوقت وإلّا فالمستأجر في نفسه يرغب في التقديم لكونه أولى ، كما إذا أراد أن يستأجر شخصاً للحج في هذه السنة فاعتذر لوجود مانع عنه فاستأجره للسنة الثانية ، فيعلم من ذلك أن السنة الثانية لا خصوصية لها وإنما ذكرها لأجل عدم تمكن الأجير من الإتيان في السنة الأُولى ، فإذا ارتفع المانع وتمكن من الإتيان به في هذه السنة فلا مانع من التقديم.
وبعبارة اخرى : السنة الثانية إنما أُخذت قيداً بالنسبة إلى التأخير ، بمعنى أنه لا يؤخره عن السنة الثانية لا أنه لا يقدّمه عليها فإن التقديم أفضل وأرضى للمستأجر هذا فيما إذا كانت قرينة.
وإن لم تكن في البين قرينة بل قامت القرينة على العكس وأنه لا يريد التقديم كما إذا علمنا أن غرض المستأجر هو الإحجاج في كل سنة وإرسال شخص إلى الحج ، ففي كل سنة له غرض بخصوصه ، فحينئذ إن كان التعيين من باب التقييد ففي الحقيقة لم يأت