الخلاف أنه لم ير قائلاً بالوجوب (١). وكيف كان ، فقد اختار صاحب الحدائق الوجوب أو مال إليه للأمر به في النصوص وهو حقيقة في الوجوب ، وذكر أن حمل الأخبار المطلقة على مقيّدها يقتضي وجوب الإجهار (٢).

ويرد عليه : أن المستفاد من الأخبار إنما هو الاستحباب لا الوجوب ، فإن عمدة ما استدل به صاحب الحدائق روايات ثلاث :

الأُولى : صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة (٣) ، قال عليه‌السلام بعد ما ذكر التلبيات الواجبة والمستحبة : «وأكثر ما استطعت واجهر بها» ، فإن الأمر بالإجهار لا يختص بالتلبيات الأربع الواجبة بل يرجع إلى التلبيات الكثيرة المذكورة في الدعاء ولا ريب أن هذه التلبيات الكثيرة مستحبة في نفسها ، فكيف يمكن أن يكون الجهر بها واجبا.

الثانية : ما روى عن حريز بطرق عديدة بعضها ضعيف للرفع كرواية الكليني وبعضها صحيح كطريق الصدوق والشيخ ، فإنهما رويا عن حريز بن عبد الله وما في الوسائل عن حريز عن عبد الله غلط ومحمّد بن سهل عن أبيه عن أشياخه عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وجماعة من أصحابنا ممن روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام أنهما قالا : «لما أحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه جبرائيل عليه‌السلام فقال له : مر أصحابك بالعج والثج ، فالعج رفع الصوت والثج نحر البدن ، قال وقال جابر بن عبد الله : فما مشى الروحا حتى بحت أصواتنا» (٤).

والجواب : أنّ الأمر بالعج ورفع الصوت إنما هو بعد تحقق الإحرام وأداء التلبية الواجبة التي يتحقّق بها الإحرام ، لا في التلبية الأُولى التي توجب الإحرام ، ولا ريب

__________________

(١) الخلاف ٢ : ٢٩٢.

(٢) الحدائق ١٥ : ٦١.

(٣) في ص ٤١٧ رقم ١.

(٤) الكافي ٤ : ٣٣٦ / ٥ ، الفقيه ٢ : ٢١٠ / ٩٦٠ ، التهذيب ٥ : ٩٢ / ٣٠٢ ، الوسائل ١٢ : ٣٧٨ / أبواب الإحرام ب ٣٧ ح ١.

۴۶۹